به إليه ـ فلا يتضمن تنزيهه في ذاته وصفاته وأفعاله عن الشر. بخلاف لفظ المعصوم الصادق المصدق. فإنه يتضمن تنزيهه في ذاته تبارك وتعالى عن نسبة الشر إليه بوجه ما ، لا في صفاته ، ولا في أفعاله ، ولا في أسمائه. وإن دخل في مخلوقاته كقوله : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ. مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ).
وتأمل طريقة القرآن في إضافة الشر تارة إلى سببه ومن قام به. كقوله : ٢ : ٢٥٤ (وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) وقوله : ٥ : ١١١ (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) وقوله : ٤ : ١٦٠ (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا) وقوله : ٦ : ١٤٦ (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ) وقوله : ٤٣ : ٧٦ (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) وهو في القرآن أكثر من أن يذكر هاهنا عشر معشاره. وإنما المقصود التمثيل.
وتارة بحذف فاعله. كقوله تعالى حكاية عن مؤمني الجن ٧٢ : ١٠ (وَأَنَّا لا نَدْرِي : أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ. أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً؟) فحذفوا فاعل الشر ومريده ، وصرحوا بمريد الرشد.
ونظيره في الفاتحة : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) فذكر النعمة مضافة إليه سبحانه ، والضلال منسوبا إلى من قام به ، والغضب محذوفا فاعله.
ومثله قول الخضر في السفينة ١٨ : ٧٩ (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) وفي الغلامين ١٨ : ٨٢ (فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما ، وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) ومثله قوله : ٤٩ : ٧ (وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ) فنسب هذا التزيين المحبوب إليه. وقال : ٣ : ١٤ (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ) فحذف الفاعل المزين. ومثله قول الخليل صلىاللهعليهوسلم : ٢٦ : ٧٨ ـ ٨٢ (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ. وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ. وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ. وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ. وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ)