فنسب إلى ربه كل كمال من هذه الأفعال ، ونسب إلى نفسه النقص منها ، وهو المرض والخطيئة.
وهذا كثير في القرآن ذكرنا منه أمثلة كثيرة في كتاب الفوائد المكية وبينا هناك السر في مجيء ٢ : ١٢١ (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) ٢ : ١٠١ و (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) والفرق بين الموضعين ، وأنه حيث ذكر الفاعل كان من آتاه الكتاب واقعا في سياق المدح. وحيث حذفه كان من أوتيه واقعا في سياق الذم أو منقسما. وذلك من أسرار القرآن.
ومثله ٣٥ : ٣٢ (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) وقال : ٤٢ : ١٤ (وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) وقال : ٧ : ١٦٨ (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى).
وبالجملة : فالذي يضاف إلى الله تعالى كله خير وحكمة ومصلحة ، وعدل. والشر ليس إليه.
فصل
وقد دخل في قوله تعالى : «من شر ما خلق» الاستعاذة من كل شر في أي مخلوق قام به الشر : من حيوان ، أو غيره ، إنسيا كان أو جنيا ، أو هامة أو دابة أو ريحا ، أو صاعقة ، أي نوع كان من أنواع البلاء.
فإن قلت : فهل في «ما» هاهنا عموم؟.
قلت : فيها عموم تقييدي وصفي ، لا عموم إطلاقي. والمعنى : من شر كل مخلوق فيه شر. فعمومها من هذا الوجه. وليس المراد الاستعاذة من شر كل ما خلقه الله. فإن الجنة وما فيها ليس فيها شر. وكذلك الملائكة والأنبياء فإنهم خير محض. والخير كله حصل على أيديهم ، فالاستعاذة من شر ما خلق : تعم شر كل مخلوق فيه شر. وكل شر في الدنيا والآخرة ، وشر