الأجنّة ، والظلام عن الإصباح. ويسمى الصبح المتصدع عن الظلمة : فلقا وفرقا. يقال : هو أبيض من فرق الصبح وفلقه.
وكما أن في خلقه فلقا وفرقا. فكذلك أمره كله فرقان ، يفرق بين الحق والباطل. فيفرق ظلام الباطل بالحق ، كما يفرق ظلام الليل بالإصباح. ولهذا سمى كتابه «الفرقان» ونصره فرقانا ، لتضمنه الفرق بين أوليائه وأعدائه. ومنه فلقه البحر لموسى ، وسماه فلقا.
فظهرت حكمة الاستعاذة برب الفلق في هذه المواضع. وظهر بهذا إعجاز القرآن ، وعظمته وجلالته ، وأن العباد لا يقدرون قدره ، وأنه (تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).
فصل
الشر الثالث : شر النّفاثات في العقد.
وهذا الشر هو شر السحر. فإن النفاثات في العقد : هن السواحر اللاتي يعقدن الخيوط ، وينفثن على كل عقدة ، حتى ينعقد ما يردن من السحر. والنفث : هو النفخ مع ريق. وهو دون التّفل. وهو مرتبة بينهما.
والنفث : فعل الساحر. فإذا تكيّف نفسه بالخبث والشر الذي يريده بالمسحور ، ويستعين عليه بالأرواح الخبيثة ، نفخ في تلك العقد نفخا معه ريق ، فيخرج من نفسه الخبيثة نفس ممازج للشر والأذى ، مقترن بالريق الممازج لذلك. وقد تساعد هو والروح الشيطانية على أذى المسحور. فيقع فيه السحر بإذن الله الكوني القدري. لا الأمري الشرعي.
فإن قيل : فالسحر يكون من الذكور والإناث ، فلم خص الاستعاذة من الإناث دون الذكور؟.
قيل في جوابه : إن هذا خرج على السبب الواقع ، وهو أن بنات لبيد