السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ ، الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ ، الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ ، يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ ، نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ).
فالإيمان كله نور ، ومآله إلى نور ، ومستقره في القلب المضيء المستنير ، والمقترن بأهله الأرواح المستنيرة المضيئة المشرقة. والكفر والشرك كله ظلمة ، ومآله إلى الظلمات ومستقره في القلوب المظلمة ، والمقترن بأهله الأرواح المظلمة.
فتأمل الاستعاذة برب الفلق من شر الظلمة ، ومن شر ما يحدث فيها ونزّل هذا المعنى على الواقع يشهد بأن القرآن ، بل هاتان السورتان ، من أعظم أعلام النبوة ، وبراهين صدق رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم ، ومضادته لما جاء به الشياطين من كل وجه ، وأن ما جاء به ما تنزلت به الشياطين ، وما ينبغي لهم وما يستطيعون فما فعلوه ، ولا يليق بهم ، ولا يتأتى منهم ، ولا يقدرون عليه.
وفي هذا أبين جواب وأشفاه لما يورده أعداء الرسول عليه من الأسئلة الباطلة التي قصّر المتكلمون غاية التقصير في دفعها ، وما شفوا في جوابها. وإنما الله سبحانه هو الذي شفى وكفى في جوابها. فلم يحوجنا إلى متكلم ، ولا إلى أصولي ، ولا إلى نظّار. فله الحمد والمنّة ، لا نحصي ثناء عليه.
فصل
واعلم أن الخلق كله فلق. وذلك أن «فلقا» فعل بمعنى مفعول ، كقبض وسلب ، وقنص : بمعنى مقبوض ومسلوب ومقنوص. والله عزوجل ٦ : ٩٦ (فالِقُ الْإِصْباحِ) و ٦ : ٩٥ (فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) وفالق الأرض عن النبات ، والجبال عن العيون ، والسحاب عن المطر ، والأرحام عن