الرافضة بالعكس في كل زمان ومكان ، فإنه قطّ ما قام للمسلمين عدو من غيرهم إلا كانوا أعوانهم على الإسلام ، وكم جرّوا على الإسلام وأهله من بلية؟ وهل عاثت سيوف المشركين عبّاد الأصنام من عسكر هولاكو وذويه من التتار إلا من تحت رؤوسهم؟ وهل عطلت المساجد ، وحرقت المصاحف ، وقتل سروات المسلمين وعلماؤهم وعبادهم وخليفتهم إلا بسببهم ومن جرّائهم؟ ومظاهرتهم للمشركين والنصارى معلومة عند الخاصة والعامة ، وآثارهم في الدين معلومة.
فأي الفريقين أحق بالصراط المستقيم؟ وأيهم أحق بالغضب والضلال ، إن كنتم تعلمون؟ ولهذا فسر السلف الصراط المستقيم وأهله : بأبي بكر وعمر وأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ورضي الله عنهم ، وهو كما فسروه. فإنه صراطهم الذي كانوا عليه ، وهو عين صراط نبيهم. وهم الذين أنعم الله عليهم ، وغضب على أعدائهم ، وحكم لهم بالضلال ، وقال أبو العالية (١) ـ رفيع الرياحي ـ والحسن البصري (٢) ، وهما من أجل التابعين : الصراط المستقيم : رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصاحباه ، وقال أبو العالية أيضا في قوله (صِراطَ
__________________
(١) هو أبو العالية رفيع بن مهران الرباحي مولاهم البصري المقرئ المفسر دخل على أبي بكر وقراء القرآن على أبي ، وكان ابن عباس يرفعه على السرير وقريش أسفل ، وقال أبو بكر بن أبي داود : ليس بعد الصحابة أحد أعلم بالقرآن من أبي العالية وبعده سعيد بن جبير ، قال ابن قتيبة ؛ حج أبو العالية ستين حجة ، وقال الأصمعي : كان أبو العالية ومكحول ـ يعني مكحول الأزدي ـ جميلين وكان مزاحا. توفي سنة ثلاث وتسعين وقيل سنة تسعين. (انظر شذرات الذهب).
(٢) هو أبو سعيد الحسن بن أبي حسن البصري ، إمام أهل البصرة وخير أهل زمانه ، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر وسمع خطبته عثمان وشهد يوم الدار ، أبوه مولى زيد بن ثابت وأمه مولاة أم سلمة. كان جميلا فصيحا ، قال أبو عمرو بن العلاء : ما رأيت أفصح من الحسن والحجاج قال ابن سعد في طبقاته : كان جامعا عالم رفيعا فقيها حجة مأمونا عابدا نساكا كثير العلم فصيحا جميلا وسيما. توفي سنة عشر ومائة. (انظر شذرات الذهب).