وجالت ، وطافت على أبواب الشهوات ، وإذا جاعت سكنت وخشعت وذلت.
وأما فضول المخالطة : فهي الداء العضال الجالب لكل شر. وكم سلبت المخالطة والمعاشرة من نعمة. وكم زرعت من عداوة. وكم غرست في القلب من حزازات تزول الجبال الراسيات ، وهي في القلوب لا تزول ، ففي فضول المخالطة خسارة الدنيا والآخرة. وإنما ينبغي للعبد أن يأخذ من المخالطة بمقدار الحاجة.
ويجعل الناس فيها أربعة أقسام : متي خلط أحد الأقسام بالآخر ، ولم يميز بينهما دخل عليه الشر.
أحدها : من مخالطته كالغذاء لا يستغنى عنه في اليوم والليلة. فإذا أخذ حاجته منه ترك الخلطة ثم إذا احتاج إليه خالطه هكذا على الدوام. وهذا الضرب أعز من الكبريت الأحمر ، وهم العلماء بالله وأمره ، ومكايد عدوه ، وأمراض القلوب وأدويتها الناصحون لله ولكتابه ولرسوله ولخلقه. فهذا الضرب في مخالطتهم الربح كل الربح.
القسم الثاني : من مخالطته كالدواء ، يحتاج إليه عند المرض. فما دمت صحيحا فلا حاجة لك في خلطته ، وهم من لا يستغنى عن مخالطتهم في مصلحة المعاش ، وقيام ما أنت محتاج من أنواع المعاملات والمشاركات والاستشارة والعلاج للأدواء ونحوها فإذا قضيت حاجتك من مخالطة هذا الضرب بقيت مخالطتهم من.
القسم الثالث : وهم من مخالطته كالداء على اختلاف مراتبه وأنواعه وقوته وضعفه.
فمنهم من مخالطته كالداء العضال ، والمرض المزمن ، وهو من لا تربح عليه في دين ولا دنيا. ومع ذلك فلا بد من أن تخسر عليه الدين والدنيا