عن امرأة زيد بن أرقم قالت :
أقبل نبيّ الله من مكة في حجة الوداع ، حتى نزل صلّى الله عليه وسلّم بغدير الجحفة ، بين مكة والمدينة ، فأمر بالدوحات فقمّ ما تحتهنّ من شوك ، ثم نادى الصلاة جامعة ، فخرجنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، في يوم شديد الحر ، وإنّ منا لمن يضع رداءه على رأسه ، وبعضه على قدميه ، من شدة الرمضاء ، حتى انتهينا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فصلّى بنا الظهر ، ثم انصرف إلينا فقال :
الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونؤمن به ونتوكّل عليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، الذي لا هادي لمن أضل ، ولا مضلّ لمن هدى ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمدا عبده ورسوله.
أمّا بعد ، أيّها الناس فإنه لم يكن لنبي من العمر إلاّ نصف من عمر من قبله ، وإن عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة ، وإني قد أسرعت في العشرين ، ألا وإنّي يوشك أن أفارقكم ، ألا وإنّي وأنتم مسئولون ، فهل بلّغتكم ، فما ذا أنتم قائلون؟ فقام من كلّ ناحية من القوم مجيب ، يقولون : نشهد أنك عبدالله ورسوله ، قد بلّغت رسالته ، وجاهدت في سبيله ، وصدعت بأمره ، وعبدته حتى أتاك اليقين ، جزاك الله عنّا خير ما جزى نبيّا عن أمته.
فقال : ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله لا شريك له ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، وأن الجنّة حق وأن النار حق ، وتؤمنون بالكتاب كله؟ قالوا : بلى ، قال : فإني أشهد أن قد صدقتكم وصدقتموني.
ألا وإني فرطكم وإنكم تبعي ، توشكون أن تردوا عليّ الحوض ، فأسألكم حين تلقونني عن ثقليّ. كيف خلفتموني فيهما. قال : فأعيل علينا ما ندري ما الثقلان ، حتى قام رجل من المهاجرين وقال : بأبي وأمي أنت يا نبيّ الله ما الثقلان؟
قال صلّى الله عليه وسلّم : الأكبر منهما كتاب الله تعالى ، سبب طرفه بيد الله وطرف بأيديكم ، فتمسّكوا به ولا تضلوا ، والأصغر منهما عترتي ، من استقبل قبلتي