الله صلّى الله عليه وسلّم من حجة الوداع ، أمر أصحابه أن ينزلوا عند شجرات متقاربات بالبطحاء ، فنزلوا حولهنّ ، ثم أمر فقم ما تحتهنّ من الشوك ، وشذبن بمقدار الرءوس ثم بعث إليهم فصلّى تحتهنّ ، ثم قام فقال :
أيّها الناس لقد نبأني اللّطيف الخبير أنه لم يعمّر نبي إلاّ مثل نصف عمر الذي قبله ، وإني لأظنّ أنه يوشك أن أدعى فأجيب ، وإني مسئول وأنتم مسئولون ، فما ذا أنتم قائلون؟ قالوا : نشهد أنك قد بلّغت ونصحت وجهدت ، فجزاك الله خيرا ، قال : ألستم تشهدون أن لا إله ، إلاّ الله ومحمد عبده ورسوله ، وأن الجنة حق وأن النار حق ، وأن الموت حق ، وأن البعث حق بعد الموت ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور؟ قالوا : بلى نشهد بذلك. قال : أللهم اشهد. ثم قال : أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم ، من كنت مولاه فهذا مولاه ، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، ثم قال : أيها الناس إني فرطكم وإنكم واردون عليّ الحوض ، حوض أعرض مما بين بصرى وصنعاء ، فيه آنية عدد النجوم ، قدحان من ذهب وقدحان من فضة ، وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرف بيد الله وطرف بأيديكم ، فاستمسكوا به ولا تضلّوا ولا تبدّلوا ، وعترتي أهل بيتي ، فإني نبأني اللّطيف الخبير أنهما لم يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.
رواه ابن عساكر بطوله من طريق معروف كما ذكرنا » (١).
وقال المتقي الهندي : « عن رفاعة بن أياس الضبي عن أبيه عن جدّه ، قال : كنت من علي في الجمل فبعث إلى طلحة أن ألقني فلقيه ، فقال : أنشدك الله أسمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال : نعم. قال : فلم تقاتلني؟!. كر » (٢).
__________________
(١) تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٤٩ مع الاختلاف في ألفاظ الحديث.
(٢) كنز العمال ١١ / ٣٣٢.