وان أُريد بها علاج المشكلة بالطرحة الثانية التي يَكون البحث بناءً عليها صناعياً بحتاً ، أي بعد الفراغ عن الحجية في تمام الباقي عملياً يبحث عن تفسير هذه الظاهرة العقلائية علمياً فحينئذ لا بدَّ من المقارنة بين هذه المحاولة والمحاولة السابقة فانه مبدئياً كما يمكن أَنْ يكون تفسير الظاهرة العقلائية المذكورة على أساس انحلالية ظهور التطابق بين المدلول الوضعي والمراد الاستعمالي كذلك يمكن تفسيرها على أساس انحلالية ظهور التطابق بين المدلول الاستعمالي والجدّي ، ومقتضى المنهجية الصحيحة في مثل هذا البحث حينئذ ملاحظة التفسيرين والمقارنة بينهما ليُرى أنَّ أيّهما أوفق بالمرتكزات العقلائية وأقدر على حلّ النقوض المثارة على صعيد هذا البحث بحيث يمكنه أَنْ يخرج بنظرية متناسقة منسجمة مع المصادرات الثابتة في باب الدلالات والظواهر.
وعلى هذا الأساس نقول :
تارة : نقارن بين المحاولتين لمّياً ، أي على ضوء النكات النوعية العقلائية للظهورات لنرى هل تقتضي انحلالية الظهور الجدي ـ كما يقوله صاحب الكفاية ( قده ) ـ أو انحلالية الظهور الاستعمالي ـ كما جاء في تقريرات الشيخ ( قده ) ـ وأخرى نقارن بينهما إِنّياً ، أي نلحظ المعلومات والنتائج المسلمة في باب العام والخاصّ وما يلحق به لنرى انها تنسجم مع أي من النظريتين والمحاولتين بنحو أوفق.
امّا الأول فقد تقدم انه لا برهان يثبت الانحلالية في مرحلة الظهور الجدي أو الظهور الاستعمالي بشكل حاسم وانما كنا ودعوى الوجدان ، فانْ حكم الوجدان بانحلالية الظهورات الجدية بالخصوص دون الظهور الاستعمالي تعين المصير إلى فرضية المحقق الخراسانيّ ( قده ) وإِنَّ المخصص يسقط الظهور الجدي في العام.
وإِنْ حكم الوجدان بانحلالية الظهور الاستعمالي أيضا تعين لا محالة المصير إلى فرضية الشيخ ( قده ) ولا يمكن معه الالتزام باستعمال العام في عمومه وكون التخصيص مسقطا للظهور الجدي ، لأنه على هذا التقدير يكون إثبات الاستعمال في العموم بأصالة الحقيقة في غاية الإشكال إذ لا يترتب عليه أي أثر بعد فرض انحلالية الظهور الاستعمالي وحجيته في الباقي سواءً كان الاستعمال في العموم أو لا ، وإِنْ شئت قلت : انَّ أصالة الحقيقة على هذا المبنى تنحل إلى أصالات عديدة بعدد اجزاء