مرآة عن واقعه كما هو الحال في كل مفهوم فلا محالة يكون التخصيص بمقدار محكي هذا العنوان المردد بحسب الفرض بين الأقل والأكثر ويكون المتيقن منه هو الأقل وامَّا الأكثر فينفي احتمال تخصيصه بعموم العام دون أَنْ يكون شبهة مصداقية له ، لأنَّ ظهوره انما انقسم بمقدار ما ثبت فيه التخصيص وهو فاعل الكبيرة فقط كما هو واضح.
التقريب الثاني ـ انَّ البناء العقلائي قاض بمعاملة الأدلة والقرائن المنفصلة معاملة المتصلات بتنزيلها منزلة المتصلة في مقام استكشاف المراد النهائيّ من مجموع كلمات المتكلم الواحد وهذا البناء يقضي في المقام أيضاً أَنْ نعطي للمخصص المنفصل المجمل حكم المخصص المتصل المجمل وقد تقدم في الفرع الأول انه يوجب سريان الإجمال إلى العام فكذلك الحال فيما ينزل منزلته ، غاية الأمر انَّ الإجمال هناك تكويني حقيقي وهنا تنزيلي حكمي.
الجواب : انَّ المقصود من البناء العقلائي المذكور انَّ الدليل المنفصل بما هو منفصل وما ينجم عن ذلك من استقرار ظهورات ودلالات يفرض كأنه متصل فإذا كان هناك ظهور يتولد من نفس حيثية الانفصال وانتهاء الكلام الأول فلا بدَّ وأَنْ يحافظ عليه أيضاً في مقام التعامل ، وليس معنى التنزيل المذكور في البناء العقلائي افتراض إلغاء هذا الظهور حكماً. وإِنْ شئت قلت : انَّ فحوى هذا البناء انَّ الدليل الّذي يكون على تقدير اتصاله قرينة مفسِّرة ومحددة لمراد المتكلم يكون على تقدير انفصاله كذلك حكماً وبلحاظ الحجية مع افتراض انحفاظ تمام ما هنالك من ظهورات ودلالات في مجموع الكلامين ، فلا يراد بهذا البناء إلغاء الظهورات الكلامية المتولدة نتيجة انتهاء الكلام الأول كالظهور في العموم في المقام.
نعم يتم هذا التقريب إذا تمت إحدى فرضيتين :
الأولى ـ أَنْ يكون الدليل المنفصل متصلاً بحسب عالم اقتناص المراد وفهمه من الكلام وإِنْ كان منفصلاً عنه بحسب السماع وتعاقب الألفاظ. وذلك فيما إذا فرض انَّ الجلسة مفتوحة بعد ، وانَّ الكلام لم ينتهِ معنوياً وإِنْ انتهى سماعاً ، كالأستاذ المحاضر الّذي يلقي مطالبه تدريجاً ، فانه لا يكون انتهاء كلامه في محاضرته الأولى موجباً لاستقرار الظهور النهائيّ الكاشف عن مراده لأنَّ مجموع كلامه لا يعتبر منتهياً بعد.