ففي هذه الفرضية يكون المخصص المنفصل بحسب السماع متصلاً بحسب مرحلة اكتشاف المراد النهائيّ للمتكلم ولذلك يسري إجماله إلى العام لا محالة.
الثانية ـ أَنْ يرد تعبد من المتكلم على إعطاء حكم الاتصال للمخصصات المنفصلة فيكون مقتضى إطلاق هذا التنزيل عدم حجية العام في مورد إجمال المخصص المنفصل أيضاً ، إلا انَّ كلتا هاتين الفرضيتين غير ثابت في حق الشارع الأقدس ، امّا الأولى منهما فلوضوح انَّ الأئمة المعصومين وإِنْ كانوا يفصحون جميعاً عن مصدر واحد إِلاَّ انَّ ذلك لا يعني انَّ كلماتهم المتباعدة منذ عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى عهد الإمام العسكري عليهالسلام كلها جلسة واحدة مفتوحة كما هو واضح.
وامّا الثانية فلأنه لم يرد دليل على التنزيل المذكور ، وانما الثابت هو اتباع الشارع للطريقة العرفية العامة في مقام اقتناص المراد من مجموع كلمات المتكلم الواحد وقد عرفت انها لا تساعد على إلغاء ظهور منعقد في العموم.
التقريب الثالث ـ انه بناء على مسالك مدرسة المحقق النائيني ( قده ) ، من انَّ العموم في طول الإطلاق وجريان مقدمات الحكمة وانَّ الإطلاق موقوف على عدم البيان المنفصل أيضاً سوف يسري إجمال المخصص المنفصل إلى العام لا محالة ، لأنه صالح للتقييد ورافع للإطلاق ذاتاً كالمتصل تماماً ومعه لا يمكن التمسك بالعامّ في مورد الإجمال لأنه في طول الإطلاق ومقدمات الحكمة وهي لا تجري لكون المورد شبهة مصداقية لها حينئذٍ.
بل قد أشرنا فيما سبق انَّ الإجمال حاصل بمجرد احتمال التخصيص المنفصل وهذه من التوالي الفاسدة لمجموع ذينك المبنيين ولا مخلص عنها إِلاَّ دعوى التمسك باستصحاب الظهور الموضوع للحجية ، إِلاّ انَّ هذا مضافاً إلى كونه لا يتم في موارد احتمال وجود مخصص متقدم أو مقارن ، لا ينتج ما هو المقصود من إثبات الحكم بدليل اجتهادي لا بأصل عملي.
فالصحيح في إبطال هذا التقريب عدم تمامية المبنى في المسلكين المذكورين وقد تقدم إبطال أحدهما في بحث العموم ويأتي إبطال ثانيهما في موضعه من بحوث المطلق والمقيد.