وقد يتوهم ورود هذا الجواب على الطريقة الأولى بدعوى انَّ التمسك بالعامّ لإثبات الحكم الفعلي على زيد أي المجعول فرع ثبوت الجعل له على تقدير كونه عادلاً فانَّ المجعول أيضاً في طول الجعل فانْ أُريد التمسك بالعامّ لإثبات الجعل لزيد والمجعول معاً فهو غير ممكن لعدم وجود دلالة واحدة في العام بالنسبة إلى زيد ، وإِنْ أُريد التمسك به لإثبات الجعل المشروط فهو لا يجدي ، وإِنْ أُريد إثبات المجعول فقط من دون جعل فهو غير معقول.
إِلاَّ انَّ هذا التوهم غير صحيح لأننا نتمسك بالعامّ لإثبات الحكم الفعلي بالمطابقة ونثبت الجعل بالالتزام وليس فعلية المجعول في طول وصول الجعل بل في طول ثبوته الواقعي.
ثم انَّ هناك إشكالاً رئيسياً مشتركاً على الطريقتين معاً وحاصله : انَّ ظهور العام لا يساعد على إثبات وجوب الإكرام في الفرد المشكوك لا بالطريقة الأولى ولا بالطريقة الثانية.
امَّا الأول فلأنَّ إثبات الحكم الفعلي بالعامّ على الفرد المشكوك معناه صيرورة مدلول العام إخباراً في هذا الفرد لأنَّ فعلية مجعول جعل ثابت بدليل آخر قضية خبرية لا محالة ، فانْ أُريد جعل الخطاب العام في تمام مدلوله إخباراً عن فعلية جعل ثابت في مرتبة سابقة فهو واضح البطلان بل خلف لأنَّ الكلام في التمسك بدليل الجعل في الشبهة المصداقية ، وإِنْ أُريد جعل خصوص هذه الدلالة منه إخباراً فهو أشنع لأنَّ الدال على الحكم في العام واحد فهو امَّا أَنْ يكون إخباراً أو إنشاءً فجعله إخباراً بلحاظ بعض الافراد وإنشاء بلحاظ الباقي إِنْ لم يكن مستحيلاً فلا أقل من انه غير صحيح إثباتاً.
ولا يقاس ذلك بما إذا ورد دليل خاص على وجوب إكرام زيد المشكوك في عدالته فانه لو علم انَّ ملاك الإكرام هو العدالة لا إشكال في كون القضية إنشائية وليست إخبارية ومع ذلك يستفاد انتفاء الفسق ، وذلك لأنه في مثل هذه الحالة يكون الخطاب كاشفاً عن جعل شخصي ويكون المولى بنفسه قد تصدى إلى إحراز موضوعه فلا تكون عدالته المشكوكة مأخوذة في موضوع الجعل الشخصي وإِنْ كان الملاك مقيداً بها بل