الطريق الثاني ـ هو التمسك بدلالة العام في الفرد المشكوك لإثبات وجوب إكرامه الظاهري ولو من باب انَّ الشارع جعل الفقر ـ العنوان المأخوذ في العام ـ أمارة على العدالة ـ القيد المنكشف بالمخصص ـ وذلك تحفظاً على دلالة العام وشموله للفرد المشكوك فيكون وجوب إكرامه لكونه عادلاً ظاهراً وهذا ليس كالعدالة الواقعية خارجاً عن شئون المولى بما هو مولى بيانه بل جعل الأمارية كسائر الأحكام من شغل المولى بما هو مشرع.
وهذا الطريق أيضاً غير تام وذلك لأنَّ الحكم الظاهري بوجوب إكرام زيد المشكوك فرع ثبوت وجوب الإكرام له واقعاً على تقدير عدالته الواقعية ، لأنَّ الحكم الظاهري في طول الشك واحتمال ثبوت الحكم الواقعي ، وحينئذٍ إِنْ أُريد التمسك بالعامّ في الفرد المشكوك مرتين مرة لإثبات وجوب إكرامه الواقعي مشروطاً بعدالته الواقعية ومرة أُخرى لإثبات وجوب إكرامه الظاهري فهو واضح الفساد ، فانَّ الدليل لا يتكفّل إِلاّ إثبات وجوب إكرام واحد على كلّ فرد ، وإِنْ أُريد التمسك به لإثبات الوجوب الواقعي فقط المشروط بالعدالة فهو لا يفيد ، وإِنْ أُريد التمسك به لإثبات الوجوب الظاهري فقط فهو غير معقول لأنه كما أشرنا في طول ثبوت الوجوب الواقعي فلا يعقل ثبوته من دون ثبوت الوجوب الواقعي المشروط.
ودعوى انَّ المدلول المطابقي انما هو الوجوب الظاهري وليكن ثبوت الوجوب الواقعي المشروط مستكشفاً بالدلالة الالتزامية ، مدفوعة : بأنَّ الوجوب الظاهري ليس في طول ثبوت الوجوب الواقعي في لوح الواقع بل في طول وصول الحكم الواقعي واحتماله فلا يمكن أَنْ يكون وصوله بنفس وصول الحكم الظاهري أو في طوله كما هو واضح (١).
__________________
(١) قد يقال لا يكون جعل الحكم الظاهري في طول وصول الواقعي وانما فعلية مجعوله في الشبهة الموضوعية في طول وصول الجعل الواقعي في الشبهة الحكمية وعموم العام في الفرد المشكوك يثبت جعل الحكم الظاهري في الشبهة الموضوعية فيكون بنفسه كاشفاً بالملازمة عن جعل الحكم الواقعي في الشبهة الحكمية.
والجواب : اللغوية المذكورة عرفية وامّا بالدقة العقلية فلا لغوية كما ذكر ولكن اللغوية العرفية كافية للمنع عن انعقاد العموم نعم لو كان الدليل وارداً في خصوص المورد فمقتضى قرينة الحكمة وصوناً للكلام عن اللغوية ثبوت اللازم.