هذين العنوانين امّا أَنْ يفرض تغايرهما ذاتاً أو يفرض وجود جزء مشترك بينهما ، بأَنْ كانت الصلاة عبارة عن الحركة المضافة إلى المولى والغصب عبارة عن الحركة المضافة إلى مال الغير. ففي الفرض الأول يكون من الواضح انَّ الأمر بالصلاة وإِنْ دلَّ على فقدان نقيضها من الملاك إلاّ انَّ نقيضها ليس هو عدم الغصب كما انَّ النهي عن الغصب لا يدل على فقدان الصلاة من الملاك.
وامّا في الفرض الثاني ، فالامر بالمجموع من الحركة والصلاتية يدل على وجود الملاك في هذا المجموع والنهي عن مجموع الحركة والغصبية يدل على وجود الملاك في ترك هذا المجموع ، وترك المجموع من الحركة والغصبية غير المجموع من الحركة والصلاتية فلا يتعارض الأمر بالصلاة والنهي عن الغصب بناء على الامتناع بلحاظ الملاك فيدخلان في باب التزاحم الملاكي (١).
وهذا الكلام غير تام لأنه يرد عليه :
أولاً ـ عدم التسليم بالمدلول الرابع لخطاب ( صلِّ ) أي الدلالة على فقدان ترك الصلاة للملاك ، إذ لو أُريد استفادة ذلك بالملازمة من نفس الأمر بالصلاة الّذي هو المدلول المطابقي للخطاب فمن الواضح انَّ الأمر بفعل لا يكشف عن ذلك وانما يكشف عن وجود ملاك في طرف الفعل سواءً كان تركه فاقداً لكل ملاك أو كان فيه ملاك ولكنه مغلوب لملاك الفعل ، ولو أُريد استفادته من المدلول الالتزامي الأول أعني حرمة الضد العام فمن الواضح انَّ حرمة الضد حرمة تبعية ناشئة من نفس ملاك الأمر بالفعل وليس بملاك آخر وهذا واضح.
وثانياً ـ النقض بما إذا ورد الأمر بالصلاة والنهي عن الصلاة في الحمام ، أي موارد المطلق والمقيد لأنَّ النهي يدل على حرمة المجموع الدال بالالتزام على وجود ملاك في تركه وترك المجموع غير ترك الصلاة ، مع انّه لا يظن التزامه بالتزاحم الملاكي في مثل ذلك (٢).
__________________
(١) مقالات الأصول ، ج ١ ، ص ١٣٠ ـ ١٣١
(٢) لو فرض انَّ النهي عن الصلاة في الحمام كان بمعنى تحريم الحصة فهذا داخل في بحث الاجتماع بحسب الحقيقة فيما إذا كان الأمر بصرف الوجود لا مطلق الوجود.