بحسب بنائه ووجوده التكويني على المعلوم بالذات فان ما يقوم العلم هو المعلوم بالذات القائم في نفس العالم لا المعلوم بالعرض الموجود في الخارج ببرهان تخلفه عنه في موارد خطأ القطع وعدم اصابته للواقع.
وهنالك وجوه ثلاثة ذكرت من قبل المحققين بصدد التعويض عن محذور الدور تثبت الاستحالة بنحو آخر.
الوجه الأول ـ لزوم محذور الخلف ، فان القطع من خصائصه التكوينية الكشف عن الواقع وإراءته ولازمه أن القطع يرى القاطع ان المقطوع به شيء مفروغ عنه ثابت في الواقع بقطع النّظر عن قطعه بحكم كونه كاشفا ومرآتا ويترتب على ذلك استحالة أخذ القطع بحكم في موضوع شخصه ، لأنه إن أريد أخذ القطع بحكم ثابت بلحاظ نفس هذا القطع فهذا خلف الخصوصية التكوينية المذكورة ، وإن أريد أخذ القطع بحكم ثابت بقطع النّظر عن القطع نفسه فهذا الحكم ليس شخص ذلك الحكم بل حكم آخر لأن هذا الحكم المقطوع به الثابت بحسب نظر القاطع بقطع النّظر عن قطعه حكم مطلق والحكم الثابت بسبب القطع حكم مقيد والمطلق غير المقيد لا محالة ، والحاصل ، ان أخذ القطع بالحكم في موضوع شخصه يستلزم الخلف بحسب نظر القاطع وهو مستحيل أيضا.
وهذا وجه فني صحيح.
الوجه الثاني ـ لزوم اللغوية ، بتقريب : ان شخص الحكم انما يراد جعله للقاطع به بحسب الفرض ففي المرتبة السابقة لا بد من فرض ثبوت القطع بالحكم لكي يجعل عليه ومن الواضح ان في هذه المرتبة إذا لم يكن القطع بالحكم كافيا في محركية العبد ودفعه نحو الامتثال فلا يجدي جعل الحكم عليه في ذلك أيضا والحكم انما يعقل جعله حيثما تعقل محركيته. وقد ذكر السيد الأستاذ سنخ هذا البرهان في التجري لإثبات استحالة أخذ القطع بالحرام في موضوع الحرمة. إلا انه قد تقدم منا عدم صحة هذا البرهان هناك إذ لم يفترض هناك وحدة الحرمة بل يمكن تعدده ولو بنحو التأكد وهو صالح للمحركية زائدا على محركية التكليف غير المؤكد. وهذا الكلام غير جار في المقام لأنه بحسب الفرض ليس هناك إلا شخص حكم واحد يراد أخذ القطع به في