موضوع محركية زائدة على محركية ما قطع به المكلف.
وهذا الوجه بهذا المقدار قابل للمناقشة ، فان فائدة الجعل هنا ـ كما هو فائدته في تمام الموارد ـ أن يصل إلى المكلف فيحركه فان الجعل بنفسه منشأ يتسبب به لإيجاد العلم بالحكم ، كيف وهذا السنخ من الإيراد لو تم لأمكن أن يورد به على كل جعل ولو لم يؤخذ في موضوعه العلم به ، فوجوب الصلاة مثلا يقال في حقه انه إن أريد جعله في حق العالم به فهو لغو لأنه يتحرك من علمه سواء كان هناك وجوب أم لا ، وإن أريد جعله في حق الجاهل فهو لا يتحرك منه على كل حال. والجواب في الجميع واحد وهو ان المحركية المصححة للجعل هو أن يحرك في طول وصوله ويكون نفس جعله من علل إيصاله.
الوجه الثالث ـ انه يلزم منه الدور في عالم وصول الحكم فتكون فعليته مستحيلة وكل جعل يستحيل فعليته يستحيل جعله ، وجه اللزوم يتضح ببيان مقدمتين :
١ ـ ان الأحكام بمعنى المجعولات الفعلية التي هي محل الكلام في المقام وصولها انما يكون بوصول موضوعاتها بعد فرض إحراز أصل الجعل فالعلم بالمجعول تابع للعلم بموضوعه خارجا أي يكون مستنتجا استنتاجا لميا دائما ولا يتصور فيه العكس إذ ليس المجعول امرا خارجيا حسيا ليحس به مباشرة.
٢ ـ ان تطبيق هذا فيما إذا كان العلم بالحكم مأخوذا فيه مستحيل لأن القطع بالحكم يكون متوقفا على القطع بموضوعه بحكم المقدمة الأولى والمفروض ان موضوعه هو نفس هذا القطع وهذا يعني ان القطع بالحكم يتوقف على القطع بالقطع بالحكم وهذا دور ، اما لأن القطع بالقطع هو نفس القطع لأن هذا هو قانون كل الصفات الوجدانية الحضورية ، فانها معلومة بنفس وجودها لا بصورة زائدة عنها فيكون معناه توقف القطع بالحكم على القطع بالحكم وهو روح الدور ونكتة استحالته. واما لو افترض ان القطع بالقطع غير القطع نفسه بل صورة زائدة مقتبسة منه على أساس الإحساس به على حد الإحساس بالأمور الخارجية والإحساس بالشيء غير إدراكه فلا إشكال في ان القطع بالصفات الوجدانية معلول لها وليس من قبيل العلم بالأمور الخارجية ولهذا لا يعقل فيها الخطأ والتخلف فيكون القطع بالقطع بالحكم في المقام متوقفا على القطع