والصحيح : ان أخذ عدم العلم بالجعل في موضوع فعلية المجعول لم يكن فيه محذور الدور في طرف العلم فضلا عن أخذ عدم العلم الّذي من الواضح عدم توقفه على ثبوت الحكم ، نعم هنا شبهة أخرى هي لغوية جعل حكم مشروط بعدم العلم بجعله فان فائدة الجعل انما هو التحريك نحو الامتثال في طول وصوله فإذا قيد الحكم بعدم وصول الجعل كان لغوا لكونه غير قابل للتحريك حينئذ بلا للجاهل به لكونه جاهلا لا يتحرك ولا للعالم به لأنه بحسب الفرض مقيد بعدمه فلا يكون شاملا له. والجواب : ان هذا انما يلزم لو كان القيد المأخوذ هو عدم وصول الحكم بتمام مراتب الوصول لا عدم الوصول المخصوص كما هو مدعى الشيخ في المقام وهو الوصول العلمي العقلي مثلا إذ يتبقى أثر الجعل ومحركيته بلحاظ موارد الوصول والتنجز بغير الطريق المذكور.
واما أخذ عدم العلم بالمجعول الفعلي قيدا فهذا لا يرد فيه محذور الدور المتقدم في أخذ العلم لأن العلم وإن كان موقوفا على المعلوم إلا ان عدم العلم ليس موقوفا على ذلك ليلزم دور في البين.
واما محذور اللغوية فقد يقرب وروده في المقام بان أخذ العلم المخصوص بالحكم الفعلي مانعا عن فعلية الحكم لا يترتب عليه أثر المانعية لأن غير العالم بفعلية الحكم لا يكون موضوعا للمانعية المذكورة والعالم بها لا يمكن أن تصل إليه المانعية المذكورة لأنه خلف كونه عالما بفعلية الحكم في حقه. والحاصل : ان العالم بالحكم الفعلي يستحيل في حقه التصديق بهذه المانعية فاجتماع المانع مع وصول المانعية مستحيل ومعه يكون جعل مثل هذه المانعية مستحيلا.
والجواب : أولا ـ ان هذه المانعية مجعولة بنفس جعل الحكم مقيدا بعدم العلم وليست مجعولة بجعل مستقل فهي منتزعة من تقيد الجعل الثابت في حق غير العالم بالعلم المخصوص بعدم العلم المذكور ، والتقييد المذكور وإن لم يكن له أثر عملي لا في حق العالم بالعلم المخصوص ولا في حق غيره ، إلا انه يكفي في عدم لغويته تصور المقتضي وضيق الملاك والغرض من الجعل بفرض وجود القيد المذكور.
وثانيا ـ ان جعل المانعية المذكورة ـ ولو مستقلا ـ اثره عدم وجود المانع خارجا لا عدم وصول المانعية كما افترض في الشبهة فانه بعد علم المكلفين بتقييد فعلية الجعل