ذلك للمشككين على فرض صدقهم في دعواهم وهذه حالة مرضية ذاتية وليست قائمة على أساس تلازم منطقي موضوعي ولا فقدان البرهان على الحكم كما هو واضح.
ولا إشكال ان محل كلامنا أعني موارد الدليل العقلي في استدلالات الأصوليين ليست من الحالة الأولى إذ لا كلام عندهم في انه لو ثبت ان دليلا عقليا ما يستلزم الباطل فهو باطل ، ولا الثانية لأن الدليل العقلي عند المستدل نفسه يقوم على أساس الوجدان العقلي لا النسبة الاحتمالية فالعقل بعد ان تتبع وفحص وجزم بمقتضى الكبريات التي طبقها وهو جازم بصحة تطبيقه بحسب وجدانه العقلي فسوف لا يتأثر بالخطإ في وجدان وفحص عقلي في استدلال اخر ، فلا تبقى لدينا إلا دعوى الحالة الثالثة من قبل المحدث وإثارتها ضد الأصولي ، وواضح ان هذه الحالة مطلب نفسي موضوعي على حد سائر الأمور النفسيّة والموضوعية تكون التجربة الخارجية هي الدليل على ثبوتها وعدم ثبوتها ، ونحن عند ما نلاحظ الوضع الخارجي للنشاط الفكري والعقلي للبشر نجد ان وجدانهم العقلي وقريحتهم العقلية لا تتعطل بالوقوف على الخطأ في مرات عديدة كثيرة أو قليلة بل تبقى قريحتهم تلك تؤثر أثرها في إيجاد الجزم واليقين في المرة الأخرى أيضا.
واما اليقين بالمعنى المنطقي البرهاني فلو كان مدعى المحدث زواله بالوقوف على الأخطاء فهذه الدعوى لو تمت فهو لا يضر بنا في المقام لأن موضوع الحجية هو اليقين الأصولي لا ما يسميه المنطقي باليقين أو البرهان ، هذا ما ينبغي أن يقال في مقام التعليق على ما يقوله المحدث بلحاظ مدركات العقل النظريّ.
ولكن للقوم اتجاه آخر في مناقشة كلمات المحدث الأسترآبادي والتعليق عليه. حيث ذكروا ان كثرة الخطأ في القضايا النظرية العقلية تنشأ عن عدم مراعاة علم المنطق فيكون ضمان تفاديه إتقان تلك القواعد المنطقية ومراعاتها فإذا ما روعيت كانت النتائج يقينية ومضمونة الحقانية جزما.
وقد أشكل على هذا المقدار في كلمات المحدث الأسترآبادي بان علم المنطق انما يعصم من ناحية الصورة وكيفية الاستدلال لا المادة والقضايا التي تدخل في الأقيسة.
وأجيب عن هذا الإشكال : بان الخطأ لا بد وأن ينتهي إلى الصورة لا المادة بعد