ذلك ، وهذا بخلاف السيرة العقلائية المنعقدة بمعنى القضية الطبعية العقلائية فانَّه لا يشك في عمومها لمطلق الظواهر الحالية واللفظية بمراتبها المتعارفة عقلائيّاً.
إِلاّ انَّ الصحيح إمكان تعميم نتيجة السيرة المتشرعية بعد ضمّ افتراض وجود السيرة العقلائية أولا بل افتراض أخذ أصل ثبوت السيرة العقلائية بعين الاعتبار أمر لا بدَّ منه في إثبات أصل السيرة المتشرعية وليس هذا مستدركاً لما قلنا من انَّ الاستدلال بالسيرة المتشرعية ليس بحاجة إلى عدم الردع بخلاف العقلائية التي لا يكفي في الاستدلال بها أصل ثبوتها. ووجه الاحتياج انَّ العقلاء لو لم يكونوا يبنون على الظهورات فكان حال الظهور عندهم حال غيره من القواعد غير المقبولة كالقرعة أو الاستخارة مثلاً. فلا يمكن استكشاف ثبوت سيرة متشرعية في زمان المعصومين عليهمالسلام ، لأنَّ ذلك انَّما كان ببيان انَّه لو كانت لهم طريقة أُخرى في مقام اقتناص المرام لكانت حادثة فريدة على خلاف الوضع العقلائي العام ومثله لن يمرّ بدون تسجيل تاريخي بشكل وآخر مع انَّه لم تصل رائحة ذلك إِلينا ، وواضح انَّ مثل هذا البيان انَّما يتمّ فيما لو افترض انَّ الوضع العقلائي العام كان يعتبر أي طريقة أُخرى غير الظهور أمراً غريباً عن طباعهم وإِلاّ كان حال الظهور حال تلك القضايا فلما ذا يفترض انَّ العمل كان به لا بها ، فافتراض (١) انَّ العمل بالظهور هو الطريقة العقلائية الطبعية مقوم لطريقتنا في استنتاج السيرة المتشرعية. وحينئذ بالطريقة نفسها نثبت التعميم في مضمون السيرة
__________________
(١) الظاهر انَّ أصل عمل المتشرعة من أصحاب الأئمة بظهورات الأدلة الشرعية ممّا لا مجال للشك فيه ولو لوضوح بنائهم على نقل الأحاديث والروايات عن المعصومين وضبطها للعمل والإفتاء حسب ظواهرها فلا يتوقّف إثبات أصل السيرة المتشرعية إلى افتراض ثبوت السيرة العقلائية ، نعم نستكشف من عدم نقل تصد شرعي مباشر لإثبات حجية الظهور انَّ العمل به كان على وفق الطبع العقلائي أيضا للشارع والمتشرعة معاً وإِلاّ فلو كان الشارع هو موجد هذه السيرة ومؤسسها لانعكس ذلك في بياناته ، فالسيرة العقلائية تثبت بالسيرة المتشرعية القطعية أيضا ، وبهذا يعرف انَّ افتراض قصور السيرة المتشرعية انَّما يكون بمعنى انَّ المقدار المحرز وقوعه بالفعل خارجاً من عمل المتشرعة بالظهورات الشرعية هو القضية المهملة التي تكون في قوة الجزئية لا ثبوت كون الملاك في ذهنهم أخصّ من القضية الطبعية ليقال بأنه لا منشأ لهذه الأخصية إلاّ البيان الشرعي فلا يحرز وقوع مورد افتراق القضية الطبيعية الأعم لهم خارجاً في الأدلة الشرعية فلعله لو كان يقع لهم ذلك لسألوا عن حكمه أو تصدّى الشارع لبيانه ، وانَّما لم يسألوا ولم ينقل حكم كذلك لعدم وقوع ذلك وامَّا افتراض كون سجيتهم بما هم متشرعة على طبق السجية العقلائية وإِلاّ لكان بتأثير البيان الشرعي فكان لا بدَّ وأن يصل إلينا فهذا بلا موجب ، فلا يبقى إِلاّ نفس الطبيعة العقلائية التي يكون الاستدلال بها بحاجة إلى ضمّ عدم الردع ولا يكون بنفسه معلولاً للموقف الشرعي وانَّما المعلول له مقدار ما وقع خارجاً من سلوك المتشرعة بالفعل.