في بحث حجية الدليل العقلي وانَّما يمنع عن حجية الإجماع لو أُريد تخريجه على غير هذا المسلك الّذي سلكناه ، فانَّه على أساس هذا المسلك يكون كاشفاً قطعيّاً على حدّ كاشفية التواتر وليس حجة شرعية ولا دليلاً عقليّاً لينفى الأول ويناقش في دليليّة الثاني في مجال الاستنباط وهذا واضح.
الرابع ـ نقاش صغروي في كيفية تحصيل الإجماع بعد الالتفات إلى انَّ ما وصلتنا من الأقوال على أحسن التقادير لا تعبر عن أكثر من فتاوى أصحاب الكتب أو من كان له منبر تحته أصحاب الكتب ممّن نقل إِلينا فتاواهم ، وهذا المقدار لا يمكن أنْ يمثل إجماع علمائناً في عصر واحد فضلاً عن أكثر من عصر ، ولهذا نجد انَّ من ينقل عنهم عادة الفتاوى الفقهية في هذا المجال لا يتجاوزون الأصابع مع وضوح انَّ علماءنا أكثر من هذا المقدار بكثير.
والجواب ـ أيضا يظهر بالتأمل فيما سلكناه في تقرير حجية الإجماع فإنَّنا غير تابعين لعنوان الإجماع إذ لم يقع ذلك موضوعاً لحجية أو أثر شرعي وانَّما المناط الكشف عن ارتكاز أصحاب الأئمة عليهمالسلام المعاصرين لهم والمعاشرين معهم وهذا يكفي فيه الجيل الطليعي من علمائنا الأبرار الأقدمين الذين كانوا هم حملة علم أولئك وامتداد فقههم في المحاور الرئيسية لوجودهم ، فضمّ غيرهم من علماء الشيعة ممن لم يكن بمستواهم علماً أو مكانة وقرباً من محاور فقه أهل البيت أو اهتماماً بتلقيه وضبطه ونقله لا يكون دخيلاً في ملاك الحجية الّذي شرحناه وهو الكشف عن الارتكاز بحساب الاحتمالات الكاشف عن رأي المعصومين عليهمالسلام ونظرهم ، ومن هنا لا نرى قدح مخالفة الإجماع من قبل بعض القدماء من الأصحاب إذا كان سنخ مخالف بلحاظ ظرفه التاريخي أو وضعه العلمي أو خصوصية في آرائه تكون مخالفته غير متعارفة وخارجة عن روح الفقه الإمامي وإطاره العام.
ويمكننا أَنْ نلخص على ضوء مجموع ما سبق أربع خصوصيات لا بدَّ من توفرها في كاشفية الإجماع عن الحكم الشرعي وهي كما يلي :
١ ـ أَنْ يكون مشتملاً على فتاوى الأقدمين من علمائنا ولا أثر لفتاوى المتأخرين عنهم ، لأنَّ التطبيق الصحيح للإجماع على ما تقدّم انَّما كان على أساس كشف