شامل للخبر أيضا.
والتحقيق : انَّ هاتين الآيتين لا دلالة لهما على عدم الحجية في مطلق الظنّ فضلاً عن الخبر.
امَّا الآية الأُولى ، فلأنَّ النهي قد تعلّق فيه بالاقتفاء بغير العلم لا مجرد العمل على طبقه والاقتفاء عبارة عن الاتباع والذهاب خلف الشيء وجعله سنداً ودليلاً بحيث يكون هو الداعي والمحرك للإنسان ، وهذا المطلب صحيح في باب الظنّ وعقلائي أيضا ولكنه لا ينافي حجيته فان الاقتفاء حينئذ في مورد الظنّ يكون للعلم بالحجية ووجوب متابعته شرعاً لا لنفس الظنّ وإِن كان العمل على طبق الظن (١).
وامَّا الآية الأُخرى فقد تبين حالها ممّا قلناه في الأُولى فانَّها واردة في سياق التنديد بالكفار الذين يعولون على الظنون والتخمينات فاستنكرته الآية وهذا السياق أي سياق تعليل استنكار طريقة الكفار بنفسه قرينة على انَّ المقصود هو الإشارة إلى سنخ قاعدة عقلية أو عقلائية مفروغ عن صحّتها لا قاعدة شرعية تأسيسية وإِلاّ لم يكن مناسباً مع مقام الاختصام والاحتجاج وما يمكن أن يكون سنخ قاعدة مفروغ عن صحّتها انَّما هو عدم إمكان التعويل على الظنّ بما هو ظنّ لا عدم جعل الحجية للظنّ شرعاً أو عقلائيّاً وعليه فيكون دليل الحجية وارداً على الآيتين.
أضف إلى ذلك : انَّ قوله تعالى ان الظنَّ لا يغني من الحقِّ شيئاً مدلوله المطابقي انَّما هو بيان صغرى انَّ الظن لا يغني في التوصل إلى لبّ الحق والواقع لأنَّه يخطئ ، وهذه صغرى واضحة في نفسها فإذا ضمّ إِليها كبرى ان المطلوب هو التوصل إلى لبّ الحقّ
__________________
(١) فسر القفو في الآية بالبهتان والقذف والكلام خلف الشخص ولعله يناسبه التعليل بقوله ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً ) فيكون أجنبيّاً عن محل الكلام. ولو حمل على الاتباع فالمعنى حينئذ لا تذهب وراء غير المعلوم ولا تتبعه وهذا إرشاد إلى عدم حجيته لا محالة لأنَّ الاتباع أضيف إلى ما لا علم به لا إلى عدم العلم نفسه. هذا مضافاً : إلى انَّ حمل الخطاب المولوي على الإرشاد إلى حكم العقل خلاف ظهوره في المولوية بخلاف ما لو كان إرشاداً إلى عدم الحجية شرعاً اللهم إِلاّ أن يجعل سياق الاختصام والاستنكار قرينة على الإرشاد إلى حكم العقل.