والواقع انتج المطلوب إِلاّ انَّ هذه الكبرى انَّما تكون واضحة في باب أصول الدين الّذي يكون المطلوب فيه الوصول إلى لبّ الحقيقة فلا تكون الكبرى المقدرة أكثر من هذا المقدار ومعه لا يتمّ في الآية إطلاق لغير أصول الدين.
ثمَّ انَّ مدرسة المحقق النائيني ( قده ) علقت على هذا الاستدلال بان دليل حجية خبر الواحد يكون حاكماً على الآيتين بجعل الظنّ علماً. وقد أشرنا سابقاً إلى عدم تمامية هذا الجواب لأنَّ الآية الكريمة ليس مفادها النهي التكليفي بل الإرشاد إلى عدم الحجية وحينئذ إذا فرض عدم تمامية دلالتها في نفسها على نفي الحجية فلا حاجة إلى الحكومة وان فرض كونها إرشاداً إلى عدم الحجية فكما ان دليل الحجية يكون مثبتاً للعلمية والطريقية كذلك هذا الدليل ينفي العلمية والطريقية وكلاهما في موضوع واحد وهو الظنّ وعدم العلم فلا وجه لافتراض حكومة أحدهما على الآخر.
وامَّا صاحب الكفاية فقد اعترض على الاستدلال بأمرين :
١ ـ انَّ القدر المتيقّن من إطلاقها الظنّ في أصول الدين لا الفروع.
وفيه : ان أُريد ان المتيقّن منها ولو بلحاظ خارج مقام التخاطب الظنّ في أصول الدين فصحيح إِلاّ انَّه لا يضرّ بالإطلاق على ما تقدّم ، وإِن أُريد نفي إطلاقها للظنّ في الفروع في نفسها فلا موجب له خصوصاً في الآية الأُولى التي جاءت في سياق مستقل عن أصول الدين.
٢ ـ ان دليل حجية خبر الواحد يكون مخصصاً لإطلاق الآية لأن الخبر قسم من أقسام الظنّ. وهذا الوجه في الجملة وإِن كان صحيحاً إِلاّ انَّه لا بدَّ من ملاحظة أدلة الحجية فانَّها ليست جميعاً أخصّ مطلقاً من الآية وإِن كان منها ما يكون أخصّ فمثلاً لو كان المدرك السيرة المتشرعية أو العقلائية فهي توجب القطع بالحجية ومعه امَّا لا إطلاق في الآية أو لا حجية له ، ولو كان المدرك آية النفر أو الكتمان أو النبأ بناءً على انَّ مفهومها ان لم يجئ الفاسق بنبإ سواءً جاء العادل أم لا فلا يجب التبين فهذه الآيات انَّما تدلّ على الحجية بإطلاقها لصورة مجيء خبر الواحد غير الموجب للعلم فتفترق عن آيات النهي فيما إذا كان الخبر علمياً أو لم يكن خبر أصلاً ـ كما في آية النبأ بناءً على ما ذكر ـ فتكون المعارضة بالعموم من وجه. اللهم إِلاّ أن يقال بالناسخية لتأخر