الحملية الحقيقية والقضية الحملية الخارجية فانَّه في الأول يكون مأخوذاً بنحو التقدير والفرض فقولنا « النار حارة » و « المسكر حرام » يكون المحمول فيها منصباً على الموضوع المقدر للنار أو المسكر بمعنى انَّ كلّ ما يفرض مصداقاً للنار أو المسكر يكون حاراً أو حراماً ، وهذا بخلاف القضية الخارجية كقولك « كلّ من في الصحن عادل فانها تنظر إلى أفراد معينين خارجاً ـ سواءً كانوا موجودين فعلاً أم لا ـ ويترتّب على ذلك انَّ الموضوع في القضية الحقيقية يكون كليّاً دائماً لكي يكون قابلاً للانطباق على كلّ أفراده المقدرة والموجودة وهذا بحسب الحقيقة يستبطن من الناحية المنطقية تلازماً بين ماهية الموضوع وماهية المحمول إذ لو لا هذا التلازم لما أمكن جعل المحمول على الموضوع بمقدراته سواءً كان التلازم على أساس عقلي قبلي أو تجريبي. ومن هنا كانت القضية الحقيقية تستبطن القضية الشرطية من الناحية المنطقية وإِن لم يكن مفادها اللغوي وتركيبها النحوي ذلك.
وعلى هذا الضوء يتّضح انَّه منطقياً تكون القضايا الجزئية الحملية من قبيل قولنا بعض الحيوان إنسان دائماً من القضايا الحملية الخارجية لا الحقيقة لأنَّ الحقيقية تستلزم التلازم والكلية وهذا لا يعقل في القضية الجزئية ما لم يصرف الموضوع فيها عن ظاهره فتؤول إلى الكلية حينئذ بمعنى لا يسعنا شرحه في المقام ـ بأن يكون عنوان البعض مشيراً إلى عنوان آخر كلّي يكون ملازماً مع المحمول ـ وهذا يترتّب عليه ان كلّ موجبة جزئية ليس فيها تقدير بل موضوعها خارجي محقق الوجود وهذا يعني انَّه لا يمكن منطقياً أن نستنتج موجبة جزئية من أيّ قضية كلية كما قالوا في المنطق الأرسطي من إنتاج الموجبة الكلية للموجبة الجزئية بالعكس المستوي مثلاً وإنتاج الشكل الثالث للموجبات الجزئية ، فقولنا كلّ ذهب معدن لا يمكن أن ينتج أنَّ بعض المعدن ذهب. والوجه فيه : انَّ الأولى قضية حقيقية لا تتكفّل إثبات وجود ذهب بالفعل في الخارج لكون موضوعها ملحوظاً بما هو مقدر الوجود بينما الثانية قضية جزئية فهي في قوة الخارجية التي تحكى عن ثبوت بعض المعدن الذهب في الخارج مع انَّ الأولى لم تكن تدلّ على ذلك.
ثمَّ إِن هناك بيانين آخرين لتقريب عدم المفهوم في آية النبأ رغم افتراض انَّها