والكلام في هذا الحديث الشريف من حيث السند تارة والدلالة أُخرى.
امَّا من حيث السند فهي مظنونة الصدق ظنّاً شخصياً اطمئنانياً ، من ناحية عدم تعمد الكذب على الأقل بحيث نحتاج فقط إلى ضمّ أصالة عدم الغفلة العقلائية لقرائن سوف نذكرها ، ولو فرض عدم حصول الظنّ الاطمئناني المذكور من تلك القرائن الخاصة أمكن تكميل الظنّ المذكور بضمّ الروايات الأُخرى التي سوف نوردها. وإِنْ فرض التشكيك في كلّ ذلك وعدم حصول اطمئنان شخصي فلا إشكال انَّ هذا السند من أعلى الأسانيد الّذي أفراده كلّهم أصحاء بالوجدان لا التعبد فيكون هو القدر المتيقن من السيرة العقلائية الدالة على الحجية وبذلك تثبت حجية تمام مفاده فإذا كان مفاده حجية مطلق خبر الثقة أثبتنا به حجية مطلق خبر الثقة.
والحديث موجود في الكافي الكتاب الّذي لا شك في انَّه للكليني ( قده ) لأنَّ أصله ثابت لنا بالتواتر القطعي ، واحتمال التصحيف والاشتباه من النساخ في خصوص هذه الرواية منتفٍ باتفاق النسخ الموجودة منه وتطابقها مع ما نقل أصحاب الكتب الأُخرى عنه ، إِذن فكان الرواية مسموعة من الشيخ الكليني ( قده ) وهو شخص لا يتطرق إليه احتمال تعمد الكذب وذلك واضح لمن تأمل جلالة مقامه واتفاق الفقهاء على ورعه وتقواه وإتقانه ، حتى انَّ الشيخ الطوسي ذكر في ترجمته انَّه ما ألف شخص كتاباً في الإسلام أثبت وأضبط من الكافي. ومثل هذه الشهادة موجودة من غير الشيخ الطوسي في حقّه أيضا ، واحتمال الخطأ منه ضعيف. مضافاً إلى إمكان نفيه بأصالة عدم الغفلة ، مع انَّ الرواية منقولة عن شخصين ممّا يبعد احتمال الخطأ فيه. وبعد الكليني يوجد شخصان محمد بن يحيى العطار الّذي هو ثقة جليل القدر مشهور بذلك مشهود له من قبل الشيخ الطوسي والنجاشي وغيرهما ولم يغمز فيه حتى من قبل المتوسعين في الغمز ، وقد عبر عنه النجاشي بأنَّه شيخ أصحابنا في عصره ومثله لا يحتمل تعمد كذبه جزماً بل يطمئن بصدقة ، هذا إذا كان وحده فكيف إذا انضم إليه محمد بن عبد الله الحميري الّذي هو مثله أيضا في اتفاق كلمة الأصحاب على توثيقه وجلالة قدره ومكانته وانَّه كان له مراسلات مع الإمام عليهالسلام ، وبعدهما عبد الله بن جعفر الحميري الّذي كان من أجلاء الطائفة أيضا معروف بوثاقته وضبطه