حتى قال النجاشي انَّه شيخ أصحابنا في قم الّذي كان موطناً لحوزة معروفة بالنقد والحساسية تجاه من يروي عن الضعاف فضلاً عن الضعيف نفسه وهو ينقل فقرة الاستدلال في الرواية عن مجلس أحمد بن إسحاق وهو من أجلاء الأصحاب وقد كان جالساً فيه أيضا عثمان بن سعيد الّذي هو من خواص الإمام العسكري وثقاته وأبوابه وأحد النوّاب الأربعة ، إِذن فمثل هذه السلسلة الذهبيّة ممّا يطمئن بصدق تمام رواتها.
وامَّا من حيث الدلالة ففيها فقرتان يمكن الاستدلال بكل منهما :
الأُولى ـ ما صدر من الإمام أبي الحسن الثالث عليهالسلام ( العمري ثقتي فما أدّى إليك فعني يؤدي وما قال لك عنّي فعنّي يقول فاسمع له وأطع فانَّه الثقة المأمون ).
وصدر هذه الفقرة وإِنْ كانت حوالة شخصية على العمري فتكون نظير الحوالة على السيد عبد العظيم الحسني في الطائفة الرابعة المتقدمة وقد ذكرنا انَّها لا تدلّ على المطلوب إذ يحتمل قوياً انَّه من جهة القطع العادي بصدق ذلك الشخص وعدم تعمد كذبه ، إِلاّ انَّ الاستدلال بذيلها حيث انَّه ورد فيه التعليل بقوله ( فاسمع له وأطع فانَّه الثقة المأمون ) وهو بمثابة كبرى كلية أُشير إِليها وهي انَّ كلّ ثقة مأمون يسمع له وهو معنى حجية خبر الثقة. وقد يلاحظ على هذا الاستدلال بتشكيكين.
الأول ـ انَّ هذه الحوالة حوالة على مرتبة عالية من الوثاقة لا مجرد كون الشخص ثقة متحرجاً بحسب طبعه عن الكذب ، وذلك بقرينة ما جاء في الصدر من انَّ العمري ثقتي فانَّ من ينصب من قبل الإمام يكون عادة على مكانة عالية من الوثاقة والعدالة والتعليل تفريع على ذلك ، هذا مضافاً إلى انَّ التعليل ورد بعنوان انَّه الثقة المأمون واللام في مثل هذا المقام كما أفاد علماء العربية تدلّ على الكمال كما في قولك انَّه الفقيه العالم ، فغاية ما يقتضيه التعليل هو التعدّي إلى الثقة المطلق أي من كان غاية في الوثاقة والأمانة ومثله قد يحصل الاطمئنان بقوله عادة.
وفيه : عدم تمامية القرينتين معاً ، امَّا الأولى فلأنَّ مجرد التفريع على الصدر لا يضرّ بعموم التعليل المشير إلى قاعدة كلية مركوزة والتمسك به لا بالصدر.
وامَّا الثانية ـ فلأنَّ اللام ليس من معانيها الكمال بل هي للجنس والعهد بل الجنس أيضا نوع عهد ذهني كما قال صاحب الكفاية ( قده ) ومنشأ استفادة الكمال