عنهم عليهمالسلام مع كون الشبهة حكمية بل أُمّ الشبهات التي يقوم عليها عماد الفقه ، كما لا يحتمل انَّهم رفضوها بعد استعلام حالها عن المعصومين عليهمالسلام إذ كيف يمكن فرض ذلك مع عدم وصول رواية على المنع بل ما وصل امَّا دال على الحجية أو مناسب معها قابل للحمل عليها ، بل أساساً احتمال رفض العمل بهذه الاخبار غير وارد للقطع بعملهم بها وإِلاّ لم يقم للفقه عماد ولما وقع هذا الاهتمام بها في مقام النقل والضبط والإفتاء. كما انَّه لو فرض ممنوعية هذا العمل شرعاً كان لزوم الردع عنه أوضح من الردع عن القياس والاستحسان ، لأنَّ جميع المدارس الفقهية من أصحاب الرّأي والحديث كانوا معاً يذهبون إلى حجيته بخلاف القياس فكيف لم يرد ما يشعر بالردع بل ورد ما يدلّ على الإمضاء والقبول. وامَّا احتمال أَنْ يكونوا قد عملوا بها من دون سؤال جرياً على سليقتهم العقلائية أو الموروثة من عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والصحابة أو من جهة استعلام ذلك عن المعصومين عليهمالسلام واستفادة أمرهم بذلك من الروايات المتقدمة وغيرها ممّا يحتمل صدوره عنهم ، فهذان الاحتمالان كلاهما بصالح الحجية فانَّ ذلك يكشف عن السنة المتمثلة في تقرير المعصوم لعمل أصحابه أو بيان موافق صادر منه إِليهم وامَّا احتمال انَّهم قد عملوا بها لحصول العلم أو الاطمئنان لهم منها فهو بعيد بل ممّا يقطع بعدمه على ما ذكره الشيخ الأعظم في رسائله وأبرز قرائن وشواهد عليه فراجع وتأمل.
وبهذا التقريب للاستدلال بالسيرة على الحجية لا يبقى مجال للإيراد المعروف من انَّ السيرة مردوع عنها بعمومات النهي عن اتباع الظنّ وغير العلم ، فانَّ التقريب المذكور يدلّ على انعقاد عمل المتشرعة من أصحاب الأئمة عليهمالسلام بالفعل على العمل باخبار الثقات ممّا يعني عدم كفاية وصلاحية تلك العمومات لردعهم ، فلا يحتمل أَنْ يكون الإمام عليهالسلام قد اعتمد عليها في مقام الردع بل نفس انعقاد سيرتهم دليل قطعي على عدم شمول تلك النواهي للعمل بخبر الثقة. نعم على التقريب الأول من الاستدلال بالسيرة ينفتح مجال لمثل هذه الشبهة ويكون جوابنا عليها ما تقدّم في تأسيس الأصل من عدم صحة الاعتماد في مقام الردع عن سيرة عقلائية راسخة وطبع وسليقة مستحكمة بهذه الدرجة على مجرد إطلاق أو عموم من هذا القبيل والّذي قد وقع الخلاف في أصل دلالتها ، ولهذا نجد انَّ الشارع لم يكتف في مقام الردع عن العمل