كما إذا كانت الآيات الناهية مكيّة النزول مثلاً فلا دوران كما هو واضح.
ويرد عليه : انَّ المقام ليس من صغريات الكبرى المذكورة ، لأنَّ الخاصّ المتقدم ليس دليلاً لفظياً له إطلاق أزماني بل سيرة عقلائية وهي دليل لبّي تتم دلالته على أساس استكشاف إمضائه من عدم الردع ، ومن الواضح انَّ عدم الردع في كلّ زمان لا يمكن أَنْ يستكشف منه عقلاً أو بظهور الحال أكثر من إمضاء مفاد السيرة في ذلك الحال لا في جميع الأحوال والأزمنة القادمة. فالحاصل : ليس لعدم الردع دلالة على الإمضاء إلى الأبد ليكون هناك دلالة على الإطلاق الأزماني لمفاد الخاصّ وعليه فلا معارض للإطلاق الأفرادي للعام ، نعم لو افترض انَّ الظهور الحالي في الإمضاء الّذي كان أحد مدارك حجية السيرة له سعة بقدر ما للارتكاز من عموم أزماني تمّ ما ذكر إِلاّ انَّه ليس كذلك بل غاية ما يقتضيه الظهور الحالي المذكور تقرير وإمضاء السيرة بالفعل.
لا يقال ـ على هذا لا يمكن التمسّك بدليل السيرة لتخصيص أو تقييد الإطلاقات الفوقانية ولو كانت السيرة ممضاة في عصر المعصومين عليهمالسلام ، لأنَّ ذلك لا يدلّ على أكثر من الموافقة عليها في ذلك الزمان وامَّا الآن فلا دليل لنا على ثبوت ذلك المفاد عند الشارع إِلاّ الاستصحاب المحكوم للدليل الاجتهادي.
فانَّه يقال ـ لا يحتمل في المطلقات التخصيص بلحاظ الزمن الأول بالخصوص في الشريعة فلو خرج الزمان الأول منها بالسيرة لم يبق لها دلالة على ثبوت مفادها في الزمن الثاني والثالث ، وعليه فالاستصحاب المذكور هو المرجع في أمثال المقام. والنتيجة انَّ موارد تمسّك الفقيه بالسيرة بحسب الحقيقة يثبت فيها مؤدّى السيرة شرعاً في زمن المعصوم عليهالسلام وامَّا بالنسبة لنا فلا بدَّ من التمسّك بالاستصحاب وعدم النسخ مثلاً.
ثالثها ـ بعد فرض الدوران بين الرادعية والمخصصية أو بين النسخ والتخصيص وعدم تقديم أحدهما على الآخر ، يقال بالتساقط والرجوع إلى الاستصحاب.
وهذا يتوقّف : أولا ـ على الافتراض المشار إليه في الوجه السابق من ثبوت إمضاء السيرة قبل نزول الآيات شرعاً.
وثانياً ـ عدم تعين الناسخية من جهة عدم إطلاق أزماني في الخاصّ المتقدم.