الثاني ـ فإذا تخيل العدم ارتفع وإذا تخيل الثبوت ثبت القبح ولو لم تكن الصغرى في الواقع ثابتة.
ودليلنا على الأول حكم الوجدان بان أكبر الناس وأكثرهم أخلاقية أيضا قد يفرض له الخطأ في الصغرى بنحو التضييق فيخالف مولاه خطا ولا قبح في ذلك.
وعلى الثاني ما تقدم من ان حق المولى انما هو من أول الأمر حق أن لا يهتك وذلك بارتكاب ما يقطع بأنه مخالفة لا خصوص المخالفة الواقعية.
وهكذا نستنتج : انه قد يثبت في مورد القبح بالعنوان الأولي الواقعي فقط كما في المخطئ في الكبرى بنحو التضييق وهذا لا عقاب عليه ، وقد يثبت القبح بالعنوان الثانوي فقط وهو المخطئ في الكبرى بنحو التوسعة إذا خالفها ، وقد يثبت كلا القبحين وذلك فيمن لم يخطئ في الكبرى وقد خالف قطعه بالحكم ـ سواء كان قطعه بالحكم معيبا وهو المعصية أو مخطئا وهو التجري لأن القطع بالصغرى مأخوذ في الكبرى بحسب الفرض ـ لأن لازم ما ذكرناه من وجود قبح ثانوي طولي بعنوان مخالفة المولوية المقطوع بها غير القبح الأولي الواقعي ان يكون في حالة الإصابة بلحاظ الكبرى قبحان قبح أولي ثابت ثبوتا واقعيا لا يمكن أن يكون العلم به مأخوذا فيه ، وقبح ثانوي بعنوان الإقدام على مخالفة المولى.
ومن هنا يظهر ان صاحب التصور الثالث أي من يقول بان مخالفة التكليف واقعا من حيث الصغرى دخيلة كجزء الموضوع في القبح زائدا على القطع بها لا بد وان أن يلتزم بالفرق بين المتجري والعاصي في درجة القبح ، وإلا فلو سلم وجدانا عدم الفرق بينهما في درجة القبح كان لا بد له التنازل عن الوجه الثالث واختيار الثاني الّذي هو الصحيح والمختار. وما ذكرناه هناك من إلزامه بالقبح حتى على التصورين الأول والثاني كان جدليا مبنيا على المصطلحات المشهورة في قبح الظلم وحسن العدل ، واما حيث حللناها بالنحو المذكور فلا بدّ من الرجوع إلى التصور الثاني لأن قبح الإقدام على المعصية إن كان غير القبح الأولي لزم صدور قبحين من العاصي وإن كان نفس قبح الظلم فلا بدّ من افتراض ان موضوعه يشمل القاطع أي ان تمام موضوعه القطع وهو التصور الثاني.