ولا يرد عليه : ان الناس وهم عقلاء يتسببون في أنواع تبليغاتهم وأقسام أغراضهم الاجتماعية بالتبليغ ممن لا يخلو عن بعض القصور والتقصير في التبليغ ، فإِن ذلك منهم لأحد أمرين لا يجوز فيما نحن فيه ، إِما لمكان المسامحة منهم في اليسير من القصور والتقصير ، وإِما لأن مقصودهم هو البلوغ إِلى ما تيسر من الامر المطلوب ، والقبض على اليسير والغض عن الكثير وشيء من الامرين لا يليق بساحته تعالى .
ولا يرد عليه ايضاً : ظاهر قوله تعالى : « فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ » التوبة ـ ١٢٣ ، فإِن الآية وإِن كانت في حق العامة من المسلمين ممن ليس بمعصوم لكنه اذن لهم في تبليغ ما تعلموا من الدين وتفقهوا فيه ، لا تصديق لهم فيما أنذروا به وجعل حجية لقولهم على الناس والمحذور انما هو في الثاني دون الاول .
ومما يدل على عصمتهم عليهم السلام قوله تعالى : « وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ » النساء ـ ٦٤ ، حيث جعل كون الرسول مطاعاً غاية للارسال ، وقصر الغاية فيه ، وذلك يستدعي بالملازمة البينة تعلق ارادته تعالى بكل ما يطاع فيه الرسول وهو قوله أو فعله لان كلا منهما وسيلة معمولة متداولة في التبليغ ، فلو تحقق من الرسول خطاء في فهم الوحي أو في التبليغ كان ذلك ارادة منه تعالى للباطل والله سبحانه لا يريد الا الحق .
وكذا لو صدر عن الرسول معصية قولاً أو فعلاً والمعصية مبغوضة منهي عنها لكان بعينه متعلق ارادته تعالى فيكون بعينه طاعة محبوبة فيكون تعالى مريداً غير مريد ، آمراً وناهياً ، محباً ومبغضاً بالنسبة الى فعل واحد بعينه تعالى عن تناقض الصفات والافعال علواً كبيراً وهو باطل وان قلنا بجواز تكليف ما لا يطاق على ما قال به بعضهم ، فان تكليف ما لا يطاق تكليف بالمحال وما نحن فيه تكليف نفسه محال لانه تكليف ولا تكليف وارادة ولا ارادة وحب ولا حب ومدح وذم بالنسبة الى فعل واحد !
ومما يدل على ذلك ايضاً قوله تعالى : « رُّسُلًا
مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ
» النساء ـ ١٦٥ ، فان الآية ظاهرة في ان الله سبحانه