أما الواجبة كالزكاة ونحوها فينبغي القطع بعدم كونها من الهبة التي هي عقد ، بل ولا الصدقة المندوبة التي هي الزكاة المندوبة والفطرة المندوبة والكفارة المندوبة ، نعم يقوى لحوق ما عرفت من الصدقة التي هي في الحقيقة هبة بعوض هو القرب ، وثبوت بعض أحكام لها خاصة بها ـ كعدم جواز رجوع بها ونحوه ـ لا ينافي ذلك أيضا ، ضرورة اختصاص جملة من أفراد المطلق باسم وأحكام لا تثبت في غير الفرد المزبور كالسلم ونحوه ، فإن هبة الرحم تختص بعدم جواز الرجوع بها ، ولم تخرج بها عن اسم الهبة ، وحينئذ فكل صدقة هبة ولا عكس.
وحينئذ فما عن ابن إدريس ـ من الجزم بأنه لا يبرأ الحالف على الهبة بالوقف ولا بالصدقة لإفراد كل باسم ، والأصل براءة الذمة ، والفرق بين الهبة والصدقة ، ومن جملته جواز الرجوع في الهبة على بعض الوجوه دون الصدقة ـ فيه ما لا يخفى ، نعم هو كذلك في الوقف بل وفي الصدقة الواجبة ، بل والمندوبة المشخصة باسم كفارة مندوبة ونحوها ، دون العطية المتبرع بتمليك عينها قربة إلى الله.
وأما العطية ففي المسالك « لا إشكال في تناول العطية المتبرع بها لجميع ما ذكر ، لأن العطية أعم من تعلقها بالعين والمنفعة ، فيدخل في الأولى الهدية والوقف والصدقة ، وفي الثانية النحلة والعمرى إلا أنه لا يخلو من إشكال في بعضها كالوقف والعمرى.
بل قال فيها أيضا « وربما دخلت الوصية في تعريف الشيخ أيضا ، لأنها عطية متبرع بها ، غايتها أنها بعد الموت ، وليس في إطلاق العطية ما يخرجها ، ودخولها في الهبة أبعد ».
وفيه ما لا يخفى من عدم دخول الوصية في الهبة بل والعطية إلا في العرف المبتذل ، ومع فرض كون الحالف من أهله يمكن دعوى اندراجها فيهما.
ومما ذكرنا يظهر لك النظر فيما في الدروس أيضا ، قال : « والهبة تتناول