( أما الحج فنقول : ) لا خلاف ولا إشكال في لزوم الحج والعمرة بالنذر ، لأنهما من أكبر الطاعات و ( لو نذر أن يحج ماشيا لزم ) (١) إن قلنا بأفضلية الركوب منه ولو على بعض الوجوه ، لأن ذلك لا يخرجه عن رجحانه الكافي في انعقاد النذر ، ومن هنا جزم المصنف بلزومه ، مع أن مختاره في الحج كون المشي أفضل لمن لم يضعفه المشي عن العبادة وإلا فالركوب أفضل ، ضرورة عدم اعتبار كونه أفضل الأفراد في انعقاد النذر ، بل يكفي رجحانه وإن كان غيره أفضل منه ، كما تقدم الكلام فيه مفصلا في كتاب الحج (٢).
( و ) كذا تقدم هناك (٣) البحث في أنه ( يتعين ) مع الإطلاق ( من بلد النذر ) أو الناذر عند المصنف وغيره ( وقيل من الميقات ) وهو الأصح مع التجرد عن القرائن ، لأن قوله : « ماشيا » حال من الحج ، والعامل فيه « أحج » فكان وصفا فيه.
والحج اسم لمجموع المناسك المخصوصة لأن ذلك هو المفهوم شرعا ، فلا يجب الوصف إلا حالة الحج والاشتغال بأفعاله ، لأن ذلك هو مقتضي الوصف ، كما إذا قلت : « ضربت زيدا راكبا » خلافا لما سمعته من المصنف وثاني الشهيدين ، فيجب المشي في طريقه ، لأنه المفهوم عرفا من مثله ، بل هو الأنسب للمعنى اللغوي الذي هو القصد ، وفيه أنه لا بحث مع القرائن الحالية أو المقالية الدالة على ذلك ، إنما الكلام مع عدمها ، ولا ريب في أن حقيقته ما ذكرنا ، ولا عرف يعارضه ، مثل نذر زيارة الحسين عليهالسلام ماشيا ، كما هو واضح. وعليه فهل المعتبر بلد النذر كما في المتن أو الناذر؟ وجهان كما في المسالك ، وقيل يعتبر أقرب البلدين إلى الميقات ، وفي المسالك هو حسن إن لم يدل العرف على خلافه ، ولعله لكون المراد حينئذ المشي في الجملة إلى الحج ، وهو يصدق بذلك.
_________________
(١) وفي الشرائع « لو نذره ماشيا لزم ».
(٢) راجع ج ١٧ ص ٣٤٩ ـ ٣٥٠.
(٣) راجع ج ١٧ ص ٣٥٠.