بمكان ، إلّا بعون الله وتوفيقه ، ولا يخفىٰ أنّ الرحمة والرأفة والحنان التي يحملها قلب الاُم ما هي إلّا تجلٍّ لرحمة الربّ عزّوجلّ ، وقد صوّر أحد أبناء تلك النسوة الطاهرات ـ وهو الإمام السجاد عليهالسلام ـ حقّ الاُم الوارد في (رسالة الحقوق) قائلاً :
« وأما حقُّ اُمك ، فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحدٌ أحداً ، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحدٌ أحداً ، ووقتك بجميع جوارحها ، ولن تُبال أن تجوع وتُطعمك ، وتعطش وتسقيك ، وتعرىٰ وتكسوك ، وتظلك وتَضحىٰ ، وتهجر النوم لأجلك ، ووقتك الحر والبرد لتكون لها ، وأنك لا تطيق شكرها إلّا بعون الله وتوفيقه » (١).
أجل لقد مزج رب العزة قلوب الاُمهات وأرواحهنّ بنور رحمته ، ولذا فانّ الرحمة الأزلية هي التي أكسبت الاُمهات تحمّل كل المشاقّ والعذاب منذ لحظة استقرار النطفة في الأرحام إلىٰ فترة الحمل ثمّ الولادة وما بعدها من حضانة وتربية حتّىٰ آخر العمر ، ومن هنا كان حقّها علىٰ ولدها يفوق حقّ أبيه عليه.
عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « جاء رجلٌ إلىٰ النبي صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله من أبرّ ؟ قال : أُمّك ، قال : ثمّ من ؟ قال : أُمك ، قال : ثمّ من ؟ قال : أُمك ، قال : ثمّ من ؟ قال : أباك » (٢).
إنّ تربية الأولاد وتقديمهم كاملين للمجتمع لهو أشرف الأعمال ، ويلتقي مع الهدف الذي بُعِث من أجله الأنبياء والرسل علىٰ مرّ العصور منذ بدء الخليقة ونزول آدم عليهالسلام وحتّىٰ ختم النبوات بمحمّد الخاتم صلىاللهعليهوآله.
_____________
(١) أمالي الصدوق : ٤٥٣ / ٦١٠ المجلس ٥٩.
(٢) الكافي / الكليني ٢ : ١٥٩ / ٩.