فموسّع عليك بأيّهما أخذت » جوابا عن سؤال السائل المفروض فيه التعارض بين حديثين يرويهما الثقة.
والاستدلال بهذه الرواية على المدّعى تامّ من جهة الدلالة ؛ وذلك لأنّ سؤال السائل نصّ صريح في افتراض الدليلين الظنّيّين المتعارضين ، فهو يسأل عن التكليف تجاه الروايتين بلحاظ الحجّيّة ؛ لأنّ كلاّ من الحديثين واجد لشرائط الحجّيّة في نفسه لو لا المعارضة ، وجواب الإمام بمقتضى التطابق بين السؤال والجواب ظاهر في كونه بصدد بيان الحكم الظاهري أي التخيير في الحجّيّة.
وبتعبير آخر : إنّ الواقعة المفروضة هنا ليست واقعة شخصيّة جزئيّة ؛ لأنّها ليست سؤالا عن حكم مسألة شخصيّة معيّنة ، وإنّما السؤال فيها عن حكم افتراضي كلّي وهو الخبران المتعارضان اللذان يرويهما الثقة ، فلذلك لا يرد الإشكال الوارد على الرواية الأولى بلحاظ سؤال السائل.
وجواب الإمام بمقتضى التطابق بينه وبين السؤال يكون ظاهرا في بيان الحكم الظاهري وهو التوسعة والترخيص أي التخيير في الحجّيّة ، ولذلك لا يرد الإشكال الثاني أيضا.
وأمّا الإشكال الثالث فلا يسجّل أيضا ؛ لأنّ المفروض هنا كون الدليلين ظنّيّين لا قطعيّين ؛ لأنّ الراوي للحديثين المختلفين هو الثقة.
فالرواية تامّة الدلالة على المدّعى ، إلا أنّها قاصرة من جهة السند فإنّها مرسلة فلا يمكن التعويل عليها.
ثمّ إنّه توجد روايات أخرى تقدّم الحديث عنها في الحلقة الثانية مع مناقشة دلالتها على المدّعى.
من قبيل : رواية سماعة (١) حيث جاء فيها : « فهو في سعة حتّى يلقاه » جوابا على افتراض السائل الاختلاف في نقل الروايات من الثقة فإنّ أحدهما يأمره والآخر ينهاه.
فقد يستدلّ بها على المطلوب بالفقرة المذكورة ؛ لأنّ التوسعة معناها الترخيص الظاهري أي التخيير في الحجّيّة.
ولكن يناقش فيها بأنّ المراد أنّه في سعة حتّى يلقى من يخبره بالحكم الواقعي ، فلا
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٨ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ٥.