فالفارق بين التطهير والصلاة أنّ عنوان التطهير ملازم للقرب ، فلا يعقل تعلّق الحرمة الذاتية به ، وعنوان الصلاة غير ملازم للقرب ، بل يجتمع مع القرب وعدمه ، وعباديته الذاتية محفوظة على أيّ حال ، وتمام الكلام في محلّه.
ولنا وجه آخر في نفي الرجحان الذاتي ـ بمعنى الحسن العقلي للطّهارات ـ تعرّضنا له في مبحث مقدّمة الواجب (١) ، فراجع.
٢١٣ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( للقطع بحصول النجاسة ... الخ ) (٢).
وكون النجاسة مسبّبة إما من ملاقاة الإناء الأولى أو الثانية ، لا يوجب تردّد الفرد ؛ ليقال : إنّ الفرد الحاصل بملاقاة الأولى (٣) على تقديره قطعي الارتفاع بملاقاة الإناء الثانية بشرائطها ، والفرد الحاصل بملاقاة الثاني مشكوك الحدوث ، والأصل عدمه ، بل التردّد في السبب ، لا في المسبّب ، وليس السبب مشخّصا لمسبّبه حتى يكون النجاسة متشخّصة : تارة بملاقاة الإناء الأولى واخرى بملاقاة الإناء الثانية ، بل النجاسة الموجودة حال ملاقاة الإناء الثانية شخص من النجاسة قائم بموضوع شخصي يتردّد أمر سبب هذا الشخص بين الملاقاتين ، والأصل بقاؤه.
وأما أصالة عدم تأثير الملاقاة الثانية فلا أصل لها إلاّ إذا رجعت إلى أصالة عدم النجاسة ، والمفروض أنّ الأصل بقاء تلك النجاسة المتيقّنة حال ملاقاة الإناء الثانية ، ولا منافاة لما ذكرنا مع ما سيجيء في كلامه (قدس سره) : من العلم إجمالا بنجاسة البدن حال الملاقاة الأولى أو الثانية ، فإنّ الزمان
__________________
(١) في التعليقة : ٦٠.
(٢) كفاية الأصول : ١٧٩ / ١٢.
(٣) كذا في الأصل.