لأنا نقول : نعم ، لا غرض من المقدّمة إلاّ أنها مما يمكن التوصل به إلى واجب آخر ، لكن هذا الغرض حيث لم يعقل أن يكون غرضا من الواجب المقدّمي بالوجوب المعلولي ـ إمّا للزوم تقدّم المعلول على العلّة ، أو للزوم إيجاب أمر متقدّم ، وكان تحصيل الغرض النفسي من الواجب في ظرفه لازما ـ فلذا يجب على الحكيم إيجاب ما لا يمكن إيجاد الواجب إلاّ به قبل زمانه مستقلا ، فهو إيجاب للغير ، لا إيجاب غيري.
وأما كونه واجبا نفسيا ، فإنما يصحّ بناء على أنه ما وجب لا لواجب آخر ، لا على أنه الواجب لغرض نفسي ، أو لحسن في نفسه ، فإنه لا غرض هنا إلاّ حفظ الغرض في الغير ، كما أنّ عنوان التهيّؤ ليس من العناوين الحسنة. لكنك عرفت : أن الصحيح أنّ هذا هو الوجوب المقدّمي ، ولا تتنافى (١) تبعيته مع تقدّمه على الوجوب النفسي. فراجع.
٤٤ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( قدرة خاصّة وهي القدرة عليه ... الخ ) (٢).
فيجب عليه الصلاة المتمكّن من تحصيل الطهارة في وقتها ، فالقدرة عليها قبل وقت الصلاة كالعدم ، فلا تجب المقدّمة حينئذ بنحو يجب المبادرة إليها قبل وقت ذيها ، لا أنها لا تجب أصلا ؛ إذ وجوبها غير مشروط بشيء ، بل الواجب شيء خاص (٣) ، فمع عدم القدرة عليه في وقته ينكشف أنه لا وجوب قبله ،
__________________
(١) في الأصل : ولا ينافي ...
(٢) كفاية الاصول : ١٠٥ / ١٢.
(٣) قولنا : ( بل الواجب شيء خاصّ ... إلخ ).
إلا أنه فرض محض ، فإن الوضوء الذي هو مورد الكلام ليس مقيدا بالوقت ، ولا بالقدرة المعمولة فيه في الوقت ؛ ضرورة أنه لو توضّأ بغاية صحيحة قبل الوقت تصحّ الصلاة معه في الوقت ، ولا مقصود في مقدّمته.
ومنه تعرف أنه لو قلنا بلزوم المقدّمة عقلا مع تمامية المصلحة في الواجب ، لا يمكن الالتزام