وإذا كان هي الحرمة أو الكراهة : فلا بد أن يكون فيه مفسدة ملزمة ، أو غير ملزمة تقتضي تحريمه أو كراهته.
وإذا كان هي الإباحة : فلا بد من خلوه مما يقتضي غير الإباحة ـ من الأحكام الأربعة المذكورة ـ سواء كان مشتملا على ما يقتضي الإباحة أو خاليا عن ذلك أيضا.
فغاية ما يلزم من إيراد حكمين متخالفين من الأحكام الخمسة على شيء اجتماع المصلحة والمفسدة ، أو المصلحة وعدم المصلحة ، أو المفسدة وعدمها في ذلك الشيء في آن واحد.
لكنه لا يمتنع مع تعدد الجهة ـ كما هو المفروض في المقام ـ بل واقع في بعض الأمور الخارجية ، كالأدوية والأغذية والأشربة ، فإن المصلحة والمفسدة وإن كانتا متضادتين ، لكنهما إنما يمتنع اجتماعهما في مورد واحد مع اتفاقهما في الوحدات المعتبرة في التناقض ، وكذلك كل منهما مع عدمه (١) وإن كانا نقيضين لكنهما إنما يمتنع اجتماعهما مع اتفاقهما في تلك الوحدات.
وإحدى الجهتين : فيما نحن فيه إنما هي الملحوظة في مقام جعل الحكم الواقعي وإنشائه ، وهي جهة ذات الشيء الغير الملحوظة بشيء من وصفي العلم والجهل.
وأخراهما : إنما هي الجهة الملحوظة في مقام جعل الحكم الظاهري ، وهي عنوان سلوك الطريق (٢) أو الأمارة الظنين إذا كان الحكم الظاهري من مؤدى
__________________
(١) في الأصل : مع عدم نفسها.
(٢) اعلم أنه ربما يتوهم : أنه إذا فرض أن جهة الحكم الظاهري إنما هو عنوان سلوك الطريق ـ مثلا ـ فنقول : إن ذلك العنوان إما أن يكون فيه مصلحة ملزمة ، وإما أن يكون فيه مصلحة غير ملزمة ، وإما أن لا يكون فيه مصلحة أصلا.
لا سبيل إلى شيء من هذه الشقوق :