بالإباحة شرعا ، لا ظاهرا ولا واقعا ، فلا يخالف الاحتياط من حيث الفتوى ، بل يوافقه ، فيتحقق هناك الاحتياط في الفتوى مع عدمه من حيث العمل.
لا يقال : إن غاية ما هناك تحقق الاحتياط في الفتوى مع الرخصة في ترك الاحتياط من حيث العمل ، والمدعى ثبوت التلازم بين وجوب الاحتياط في الفتوى وبينه من حيث العمل ، لا بين تحققه من حيث الفتوى وبين وجوبه من حيث العمل.
لأنّا نقول : إن العمل بالبراءة الأصلية ـ أيضا ـ يقول بوجوب الاحتياط من حيث الفتوى مع قوله بعدم وجوبه من حيث العمل ، فتأمل (١).
والأولى أن يتمسّك بإطلاق أخبار التوقف ، بتقريب أنّها تدل بإطلاقها على وجوب التوقف من حيث العمل في مورد الشبهة ـ أيضا ـ والمفروض في المقام الشبهة في حكم الواقعة لأجل تعارض النصين ، فلا بد من التوقف من حيث العمل ـ أيضا ـ فافهم.
قوله ـ قدس سره ـ : ( وإلا لوجب التوقف ) (٢).
إشارة إلى وجه توهم دلالة الأخبار الآمرة بالتخيير في المتعارضين على اعتبار الأخبار من باب السببية.
وتوضيحه : أنه لو كان اعتبارها على وجه الطريقية لكان مقتضى القاعدة
__________________
(١) وجه التأمل أنه يمكن دفع النقض بموارد أصالة البراءة بأن ترك الاحتياط فيها من جهة أن المكلف يستكشف من حكم العقل بقبح التكليف من غير حجة إباحة الفعل شرعا في مرحلة الظاهر ، نظرا إلى الملازمة بين حكمه وبين حكم الشرع فتركه العمل بالاحتياط في العمل بعد إفتائه بالإباحة الشرعية ظاهرا واعتماده فيه إليها ، إذ لا معنى للإباحة إلا رفع المنع والجرح عن الفعل ، ومن المعلوم أنه يعلم بحكم العقل المذكور أن الشارع رفع المنع عن الفعل المشكوك حكمه ، فيجوز الإفتاء بالإباحة الظاهرية شرعا فلم يجمع وجوب التوقف في الفتوى مع عدمه في العمل ، بل اجتمع جوازه فيه مع جوازه من حيث العمل فلا تغفل. لمحرره عفا الله عنه.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٧٦٣.