والحاصل أنه كما في الكلام في المقام مع الغض عن أخبار الترجيح ، كذلك هو مع الغض عن أخبار التخيير ـ أيضا ـ وإنما هو في نوع الواجبين المتزاحمين المختص صدقهما على الخبرين المتعارضين بالصورة المذكورة.
ومن هنا يظهر عدم دخولهما في الكلام في المقام الآتي ـ أيضا ـ وهو صورة قيام احتمال الأهمية بخصوص أحد الواجبين المتزاحمين ، فأن الكلام هناك ـ أيضا ـ في حكم الواجبين المتزاحمين ، إلا أنه يفارق هذا المقام من حيث فرض اختصاص احتمال الأهمية بأحد الواجبين المتزاحمين بالخصوص.
وكيف كان ، فلا إشكال في أن الحكم هو التخيير فيما إذا احتمل أهمية كل من الواجبين المتزاحمين ، ولا كلام فيه ظاهرا ـ أيضا ـ وإنما الكلام في ثبوت التخيير فيما إذا اختص احتمالها بأحدهما ، لكن لا ينبغي الإشكال في ثبوته لهما على ذلك التقدير ـ أيضا ـ في الجملة ، لضعف ما يتوهم مانعا منه كلية.
نعم يقع الإشكال في ثبوته لهما فيما إذا كانا مندرجين في عنوانين في بعض الصور.
وتوضيح ذلك : أن الواجبين المتزاحمين المحتمل أهمية خصوص أحدهما إما أن يكونا مندرجين في عنوان واحد بمعنى كون القدر المشترك بينهما هو الموضوع للتلف في الأدلة الشرعية ، كإنقاذ الغريقين ، وإطفاء الحريقين ، وإما أن يكونا مندرجين في عنوانين ، بمعنى عدم كون الموضوع لهما في الأدلة هو القدر المشترك بينهما ، كإنقاذ غريق مع إطفاء حريق.
ومنشأ أهمية أحدهما من الآخر على تقديرها في القسم الأول منهما منحصر في اتحاده مع عنوان آخر واجب ، فيتأكد به وجوبه بالإضافة إلى الآخر ، ويقدم عليه عند الدوران بينهما ، كما إذا دار الأمر بين إعطاء الزكاة بهذا الفقير أو بذاك ، مع كون أحدهما في مخمصة يخاف عليه الموت من المجاعة ، فإن وجوب إعطاء الزكاة في حقه قد تأكد باتحاده مع عنوان آخر واجب وهو حفظ نفس