لنا على وجوب الأخذ بالمرجحات في الجملة في قبال صاحب عوالي اللئالي ومن وافقه ما مرّ سابقا ، من ظهور أخبار الترجيح فيه مع عدم اكتنافها بشيء يصلح لصرفها عنه ، فيظهر بذلك فساد القول الأول ، وعلى اختصاص الترجيح بتلك المرجحات بغير النص والظاهر والظاهر والأظهر ما مر غير مرة من ظهور تلك الاخبار في الاختصاص بما إذا كان المتعارضان في نظر العرف على وجه يحصل التحير لهم في المراد منهما على تقدير صدورهما من متكلم واحد واقترانهما بحيث يتوقف فهم المراد على بيان آخر غيرهما ، كما لا يخفى على المتأمل فيها حق التأمل ، والتحير على الوجه المذكور لا يحصل إلا في غير النص والظاهر والظاهر والأظهر.
والفارق بين هاتين الصورتين وبين غيرهما من صور التعارض إنما هو حكومة دليل اعتبار صدور النص والأظهر على دليل اعتبار ظهور الظاهر ، بخلاف سائر الصور ، لعدم حكومة لدليل اعتبار صدور واحد من المتعارضين الظاهرين على دليل اعتبار ظهور الآخر كما مرت الإشارة إليه غير مرة.
وتوضيحه : أنه لا ريب أن مقتضى دليل اعتبار صدور الخبر المشكوك الصدور ليس وجوب الاعتقاد بصدوره ، لأنه غير معقول ، إذ مجرد التعبد بذلك كيف يعقل تأثيره في الاعتقاد ولم يقل به أحد أيضا ، بل مقتضاه والمراد به إنما هو وجوب ترتيب الآثار الشرعية على صدوره واقعا عليه عند الشك ، ومن المعلوم أن من آثار صدور النص والأظهر كونهما قرينتين على صرف الظاهر من غير عكس فانه إذا قطع بصدورهما لا يشك أحد في كونهما كذلك.
وهذا في النص ظاهر.
وأما الأظهر هو وان لم يكن كالنص في عدم قابليته للتأويل ، بل يمكن فيه ذلك ، لكنه لا يمكن بمجرد الظاهر ، بل لا بد من قرينة أخرى ، بخلاف التأويل في الظاهر ، فانه يصح الاعتماد فيه على مجرد الأظهر ، فهو مع عدم بيان