بمقتضى الأصل الأولي في كل طريقين متعارضين ، أو العمل بقاعدة الجمع الّذي يوافق العمل بالأصل من حيث عدم حجية أحدهما فعلا في مؤداه ، أو العمل باحكام التعادل والترجيح.
لا سبيل إلى الأول ، لقيام الإجماع على حجية أحدهما ولا إلى الثاني لذلك ، ولعدم اعتبار قاعدة الجمع فيهما في نفسها ـ كما مر ـ مضافا إلى الوجوه الأخر المتقدمة ، فيتعين الثالث وهو المطلوب.
لا يقال : سلمنا وجوب الرجوع في الظاهرين إلى الاخبار العلاجية ، لكن مقتضى القاعدة الرجوع إليها في النص والظاهر ، والظاهر والأظهر ، أيضا ، فإن النص والأظهر وإن كان من شأنهما على تقدير القطع بصدورهما التصرف في الظاهر لكنه من لوازم القطع بصدورهما فإن كل قرينة صارفة لا تكون صارفة الا مع العلم بها.
ألا ترى أن لفظ ( يرمي ) في قولنا رأيت أسدا يرمي ما لم يحصل العلم بصدوره واقترانه بلفظ الأسد لا يصلح لصرف الأسد عن ظاهره.
ومن المعلوم أن دليل صدورهما إنما يفيد التعبد بآثار صدورهما ، لا بآثار القطع بصدورهما ، فلا يكون حاكما على دليل اعتبار ظهور الظاهر ، فيكون الحال في الصورتين أيضا كما في الظاهرين من جهة حصول التحير فيهما في فهم المراد الموجب لدخولهما في الأخبار العلاجية.
لأنا نقول : المتوقف على العلم إنما هو الحكم بالصرف والعمل بمقتضاه ، لا نفس الصرف ، بل إنما هو من لوازم ذات القرينة ، فالعلم معتبر بعنوان الطريقية لا السببية ، فيقوم غيره مقامه.
إن قيل : سلمنا أن الصرف من لوازم صدور النص والأظهر ، لكنه من اللوازم العادية فلا يقتضي دليل صدورهما ترتيبه عليهما حال الشك في الصدور.