قوله ـ قدس سره ـ : ( معرفة ذلك الحرام الّذي فرض وجوده ... ) (١).
فإن إعادة النكرة بالمعرفة يفيد أن المراد بها هي النكرة بخصوصها. وقوله : ( فرض وجوده ) يعني فرض وجوده في الشيء الّذي جعل موضوعا للحكم بالحلية ، كما هو ظاهر قوله عليه السلام : « فيه حلال وحرام ».
أقول : لا يخفى أن اتحاد الحرام ـ الّذي جعل معرفته غاية للحكم بالحلية ـ مع الشيء المفروض الوجود الّذي لا يقضي بخروج مثل مطلق اللحم عن موضوع الرواية ، إذ ليس معنى « شيء فيه حلال وحرام » أزيد من كونه شيئا وجد فيه القسمان فعلا ، وهو صادق على مطلق اللحم جدا ، لوجودهما فيه كذلك ، فيقال : إن حلية مطلق اللحم مغياة بمعرفة ذلك القسم الحرام منه ، لا أن حلية قسم آخر منه مغياة بمعرفة ذلك القسم الحرام ، حتى ينكر ، فمعرفة لحم الخنزير ليست غاية لحلية لحم الحمار من حيث خصوصيته ، بل إنما هي غاية لها بعنوان كونه من مطلق اللحم.
فظهر أن مجرد اتحاد الحرام ـ الّذي جعلت معرفته غاية للحلية ـ مع الحرام الموجود في نوعه لا يقضي بما ذكر إلا بضميمة ما مر من أن الظاهر من قوله عليه السلام : « فيه حلال وحرام » بيان منشأ الاشتباه في الحلية والحرمة ، فيكون المراد بالحرام هو الّذي صار وجوده منشأ لاحتمال الحرمة ، فيكون المراد بالحرام ـ الّذي جعلت معرفته غاية لحلية ذلك النوع ـ هو هذا الحرام ، وهذا لا ينطبق على المثال المذكور ، فإن وجود القسم الحرام فيه ـ وهو لحم الخنزير ـ لم يكن منشأ لاحتمال الحرمة في لحم الحمار ، حتى يكون معرفته غاية للحلية ، بل المنشأ له إنما هو فقد النص ، كما مرت الإشارة إليه ، ومع الحاجة إلى تلك الضميمة لم يحسن قوله ـ قدس سره ـ ( هذا كله مضافا ) إلى آخر ما ذكره ، فإن الظاهر
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣٣٠ ـ ٣٣١.