حين ورد السبب الثاني ، وبعده فإنه لا يقتضي وروده سلامة الأصل بالنسبة إلى ذلك المعلوم الإجمالي عن المعارض بالنسبة إلى الأطراف الاخر ، حتى يقتضي جواز ارتكابها ، ويختصّ وجوب الاجتناب بمورده ، فالسبب الأول بعد ورود الثاني أيضا تامّ الاقتضاء للاجتناب عن جميع الأطراف ، هذا بخلاف الثاني ، فإنّ الطريق الشرعي القائم على بعض الأطراف مانع عن جريان الأصل في مورده ، فلا يصلح ـ حينئذ ـ هو لمعارضته للأصول في الأطراف الاخر ، فإنّ الطرق والأمارات الشرعية ليست من قبيل الأسباب (١) ، بأن يحدث ـ بسبب قيامها ـ تكليف واقعي ، وإنّما هو لمجرّد الطريقية ، ولازمها تنجّز التكليف الموجود في محلّها على المكلّف على تقديره (٢) ، فالتكليف الواقعي في محلّها مشكوك فيه بعد قيامها أيضا ، وإنّما المعلوم [ من ] التكليف ـ حينئذ ـ هو التكليف الظاهري.
فمن هنا ظاهر فساد ما قيل في العنوان : من كون الطرف القائم عليه الطريق الشرعي معلوما بالتفصيل. نعم هذا يتمّ في أسباب النجاسة ، فإنّها بعد ورودها على أطراف الشبهة يعلم تفصيلا بنجاسة ذلك الطرف فإنّه ـ حينئذ ـ إمّا أن يكون هو النجس المعلوم إجمالا قبل ورودها ، أو غيره ، وعلى كلّ تقدير فهو نجس بعد ورودها عليه ، لأنه على الثاني ينجس بها البتّة. هذا.
__________________
(١) ومجمل الفرق بين الأمارات والأسباب فيما إذا حصل شيء منهما في بعض أطراف الشبهة : أن الأسباب محدثة ـ بمجرّد ورودها في مورد ـ تكليفا آخر غير المعلوم الإجمالي ، فمع ورودها يتحصّل تكليفان منجّزان فعلا لا بدّ من الخروج عن عهدتهما.
هذا بخلاف الأمارات ، فإنها إذا قامت في بعض الأطراف فلا توجب تكليفا آخر غير المعلوم بالإجمال ، فإنها طريق إلى التكليف الموجود في موردها ، وموجبة لتنجّزه على المكلّف على تقديره. لمحرّره عفا الله عنه.
(٢) وبعبارة أخرى : إنّ وجوب العمل بالطرق الشرعية ليس من باب الموضوعية والسببية ، وإنما هو من باب كونها طرفا إلى ما قامت عليه ، ولازمها تنجّز التكليف المجهول في موردها على المكلّف ، بحيث لا يعذر في مخالفته على تقديره. لمحرّره عفا الله عنه.