الحرمة أو النجاسة الجاريتين في مورده ، فلا مجرى للأصل في مورده ، فحينئذ يبقى الأصل في الطرف الآخر سليمان عن المعارض ، فلا أثر للعلم الإجمالي بالنسبة إلى ذلك الطرف ، لعدم اقتضائه ـ حينئذ ـ وجوب الموافقة القطعية.
فإن قلت : كما أنا لا نعلم فيما نحن فيه بأزيد من التكليف بالاجتناب عما قام عليه الطريق الشرعي المعتبر من الأطراف ، فكذلك لا نعلم في صورة اجتماع السببين بأزيد من التكليف بالاجتناب عما ورد عليه السبب الثاني من الأطراف فلا معلوم إجماليا سوى المعلوم بالتفصيل في الموردين ، فحينئذ إن كان العبرة ـ في وجوب الاجتناب عن سائر الأطراف في الأول ـ بوجود معلوم إجمالي مردّد بينها قبل العلم التفصيليّ ولو لم يبق إلى حينه ، فهذا موجود بعينه في الثاني أيضا ، فلا وجه للتفصيل بينهما بوجه ، وإن [ كان ] العبرة فيه بشيء آخر غير موجود في الثاني فبيّنه.
قلنا : مناط وجوب الاجتناب عن جميع الأطراف ـ كما عرفت سابقا ـ إنما هو وجود معلوم إجمالي مردّد بينها ـ على تقدير اجتماعها ـ مع عدم الرخصة في ارتكاب بعضها ، وإلاّ سقط الوجوب عن الطرف المأذون في ارتكابه ولا يقتضي ـ حينئذ ـ أزيد من وجوب الموافقة الاحتمالية المتحقّقة بالاجتناب عن سائر الأطراف ، وعرفت أنّ عدم الرخصة في بعضها إنما هو في صورة تعارض الأصول في الأطراف ، وأنه (١) مع سلامة الأصل في بعضها يكون ذلك البعض مرخّصا فيه بمقتضاه ، ويختصّ الوجوب بغيره ، ولا ريب في أنّ المناط المذكور متحقّق في الأول دون الثاني ، إذ قد عرفت أنّ الأصل بالنسبة إلى السبب السابق المعلوم التأثير في أحد الأطراف إجمالا معارض في كلّ منها بمثله في الآخر ، فالمعلوم المردّد بينها من تلك الجهة مع تعارض الأصول في الأطراف متحقّق فعلا
__________________
(١) في الأصل : ( وأنّ مع ... ) والصحيح ما أثبتناه.