.................................................................................................
______________________________________________________
سائر أنبيائه مبتلى ومعافي ، وذلك من تمام حكمته ليظهر شرفهم في هذه المقامات ويبين أمرهم ويتم كلمته فيهم ، وليحقق بامتحانهم بشريتهم ، ويرتفع الالتباس عن أهل الضعف فيهم ، لئلا يضلوا بما يظهر من العجائب على أيديهم ضلال النصارى بعيسى بن مريم ، وليكون في محنهم تسلية لأمتهم ووفورا لأجورهم عند ربهم تماما على الذي أحسن إليهم.
قال بعض المحققين وهذه الطواري والتغييرات المذكورة إنما يختص بأجسامهم البشرية المقصود بها مقاومة البشر ومعاناة بني آدم لمشاكلة الجسم ، وأما بواطنهم فمنزهة غالبا عن ذلك ، معصومة منه متعلقة بالملأ الأعلى والملائكة لأخذها عنهم ، وتلقيها الوحي منهم ، وقد قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن عيني تنامان ولا ينام قلبي ، وقال : إني لست كهيأتكم إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني ، وقال : إني لست أنسى ولكن أنسي ليستن بي ، فأخبر أن سره وروحه وباطنه بخلاف جسمه وظاهره وأن الآفات التي تحل ظاهره من ضعف وجوع ونوم وسهر لا يحل منها شيء باطنه بخلاف غيره من البشر في حكم الباطن لأن غيره إذا نام استغرق النوم جسمه وقلبه ، وهو عليهالسلام في نومه حاضر القلب كما هو في يقظته حتى قد جاء في بعض الآثار أنه كان محروسا من الحدث في نومه ، لكون قلبه يقظان كما ذكرناه ، وكذلك غيره إذا جاع ضعف لذلك جسمه وحارت قوته وبطلت في الكلية حملته ، وهو عليهالسلام قد أخبر أنه لا يعتريه ذلك وأنه بخلافهم بقوله : لست كهيأتكم ، وكذلك أقول إنه في هذه الأحوال كلها من وصب ومرض وسحر وغضب لم يجر على باطنه ما يحل به ، ولا فاض منه على لسانه وجوارحه ما لا يليق به كما تعتري غيره من البشر.