تلا هذه الآية « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً » فقال لم يجعل الله عز وجل له حدا ينتهي إليه قال وكان أبي عليهالسلام كثير الذكر لقد كنت أمشي معه وإنه ليذكر الله وآكل معه الطعام وإنه ليذكر الله ولقد كان يحدث القوم وما يشغله ذلك عن ذكر الله وكنت أرى لسانه لازقا بحنكه
______________________________________________________
وروى الواحدي بإسناده عن الضحاك عن ابن عباس قال : جاء جبرئيل إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا محمد قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله عدد ما علم وزنة ما علم وملأ ما علم ، فإنه من قالها كتب الله له بها ست خصال : كتب من الذاكرين الله كثيرا ، وكان أفضل من ذكره بالليل والنهار ، وكن له غرسا في الجنة ، وتحاتت عنه خطاياه كما تحات ورق الشجرة اليابسة ، وينظر الله إليه ، ومن نظر إليه لم يعذبه.
« وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً » أي ونزهوه سبحانه عن جميع ما لا يليق به ، بالغداة والعشي ، والأصيل العشي ، وقيل : يعني به صلاة الصبح وصلاة العصر عن قتادة ، وقيل : صلاة الصبح وصلاة العشاء الآخرة.
وخصهما بالذكر لأن لهما مزية على غيرهما من أن ملائكة الليل والنهار يجتمعون فيهما ، وقال الكلبي : أما بكرة فصلاة الفجر ، وأما أصيلا فصلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة ، وسمي الصلاة تسبيحا لما فيها من التسبيح والتنزيه « ما يشغله ذلك من ذكر الله » أي الذكر القلبي ، كان يجد ذلك بنور الإمامة أو من شواهد أحواله ، أو عند تكلم الغير كان مشغولا بالذكر ، فإذا تم كلام السائل شرع في الجواب أو كان كلامه دائما مشتملا على الذكر.
وقوله : وكنت أرى أي في غير بعض تلك الأحوال « لازقا بحنكه » لأن اللام أكثر حروف تلك الكلمة الطيبة ، وفيها يلزم اللسان بالحنك ، وليس فيها شيء من الحروف الشفوية ، وهذا أحد وجوه نسبة هذا الذكر من بين سائر الأذكار إلى