بطن فخبر والحمد لله الذي [ يميت الأحياء و ] يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ».
______________________________________________________
المدلول على الدليل ومفعول القهر محذوف ليفيد العموم ، أي فقهر كل شيء ، والأظهر أن الفاء للتفريع أي علوه بالذات والصفات على جميع الممكنات صار علة لقهره جميع من دونه من المخلوقات على ما أراد.
« والحمد لله الذي ملك » جميع الأشياء بنفوذ إرادته في كل ما أراد « فقدر » واختص بالقدرة الكاملة المطلقة وأما غيره سبحانه فإذا اتصف بالقدرة من جهة اتصف بالعجز من جهة أخرى ، فلا يتصف بالقدرة على الإطلاق إلا الحكيم الخلاق.
وعن بعض المحققين أن الملك الحق هو الغني مطلقا في ذاته وصفاته عن كل ما سواه ، ويحتاج إليه كل ما سواه إما بواسطة أو بغيرها ، فهو المالك والملك بالحقيقة ، وكل ما سواه ممكن محتاج في وجوده وسائر صفاته إلى غيره ، فليس الملك والمالك حقيقة إلا هو تبارك وتعالى.
وقيل : أي ملك رقاب الأكاسرة وأعناق القياصرة وذمام المخلوقات ، وتمام المصنوعات فقدر على إمضاء ما أراد وإجراء ما شاء عليهم من الإحياء والإماتة ، والإبقاء والإزالة ، والصحة والسقم وغيرها من الأمور المعلومة لنا وغير المعلومة.
« والحمد لله الذي بطن فخبر » قال الوالد قدسسره : أي علم بواطن الأمور فجازاهم بعلمه ، أو أنه لتجرده علم بواطن الأمور كما قال تعالى : ( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) (١) وقال في النهاية : الخبير هو العالم بما كان وبما يكون ، خبرت الأمر أخبره إذا عرفته على حقيقته ، وقال غيره : الخبير العليم بالخفايا الباطنة يحيي الموتى بعد إماتتهم في القبر والحشر ، أو الأعم الشامل لإحياء المواد الحيوانية بإفاضة الأرواح ، أو بإحياء الأرض أيضا بعد موتها بالنبات ، وإحياء القلوب الميتة بإفاضة المعارف الإيمانية.
__________________
(١) الملك : ١٤.