.................................................................................................
______________________________________________________
كما قال تعالى : ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) (١).
السادس : أن المعنى يذهله عما هو مخزون في قلبه.
« يا من هو بالمنظر الأعلى » في القاموس : المنظر والمنظرة ما نظرت إليه فأعجبك أو ساءك ، ومنظري ومنظراني حسن المنظر ، والنظر محركة الفكر في الشيء تقدره وتقيسه ، والمناظر أشراف الأرض ، انتهى.
ولعله عليهالسلام شبه المكانة والدرجة الرفيعة المعنوية بالأمكنة المرتفعة الصورية فهو إما كناية عن اطلاعه على جميع المخلوقات فإن من كان على مكان يشرف على ما تحته ويطلع عليه أو عن تسلطه واقتداره على ما تحته من الممكنات أو عن عدم وصول العقول والأفهام إلى ساحة عرفانه ، أي منظره أعلى من أن يدركه أحد ، ويحتمل أن يكون المنظر من النظر بمعنى الفكر أي هو أرفع من أن تدركه أنظار الخلق كما روي وارتفع فوق كل منظر ، ويحتمل أن يكون مصدرا ميميا أي هو متلبس بالنظر الذي هو أعلى الأنظار أو بمعنى ما ينظر إليه من الشخص كما يقال : فلان حسن المنظر أي منظره أعلى من أن يدرك ، وقيل : أي هو سبحانه منظور جميع الممكنات إذ نظر جميعها في ذواتها ولوازمها وآثارها وخواصها في سلسلة الأسباب والعلل إليه جل شأنه وهو أعلى من الجميع.
« يا من لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ » المشهور أن الكاف زائدة قال البيضاوي : أي ليس مثله شيء يزاوجه ويناسبه ، والمراد من مثله ذاته كما في قولهم مثلك لا يفعل كذا على قصد المبالغة في نفيه عنه فإنه إذا نفى عمن يناسبه ويسد مسده كان نفيه عنه أولى ، ومن قال الكاف فيه زائدة لعله عني أنه يعطي معنى ليس مثله لكنه آكد لما ذكرناه ، وقيل : مثل صفته أي ليس كصفته صفة.
وقال الراغب : المثل يقال على وجهين أحدهما : بمعنى المثل نحو شبه وشبه ،
__________________
(١) العنكبوت : ٦٩.