رجع ابن أبي داود ذات يوم من عند المعتصم وهو مغتم. فقلت له في ذلك فقال : وددت اليوم أني قدمت منذ عشرين سنة ، قال : قلت له : ولم ذاك؟ قال : لما كان من هذه الاسود أبي جعفر محمد بن علي بن موسى اليوم بين يدي أمير المؤمنين ، قال : قلت له : وكيف كان ذلك؟ قال : إن سارقا أقر على نفسه بالسرقة ، وسأل الخليفة تطهيرة باقامة الحد عليه ، فجمع لذلك الفقهاء في مجسله وقد أحضر محمد بن علي فسئلنا عن القطع في أي موضع يجب أن يقطع؟.
قال : فقلت : من الكرسوع (١) قال : وما الحجة في ذلك؟ قال : قلت : لان اليد هي الاصابع والكف إلى الكرسوع ، لقول الله في التيمم « فامسحوا بوجوهكم وأيديكم » (٢) واتفق معي على ذلك قوم ، وقال آخرون : بل يجب القطع من المرفق.
قال : وما الدليل على ذلك؟ قالوا : لان الله لما قال : « وأيديكم إلى المرافق » في الغسل دل ذلك على أن حد اليد هو المرفق.
قال : فالتفت إلى محمد بن علي فقال : ما تقول في هذا يا أبا جعفر؟ فقال : قد تكلم القوم فيه يا أمير المؤمنين ، قال : دعني مما تكلموا به ، أي شئ عندك؟ قال : اعفني عن هذا يا أمير المؤمنين ، قال : أقسمت عليك بالله لما أخبرت بما عندك فيه ، فقال عليهالسلام : أما إذا أقسمت على بالله ، إني أقول : إنهم أخطأوا
____________________
من أبى الوليد محمد بن أحمد مائة وعشرين ألف دينار وجوهرا بأربعين ألف دينار مصادرة وسيره إلى بغداد من سامراء ، وكانت وفاته في ٢٤٠ الهجرية.
وأما زرقان صاحب ابن أبى داود فلعله أبوجعفر الزيات المحدث.
(١) الكرسوع : كعصفور : طرف الزند الذى يلى الخنصر الناتئ عند الرسع ، أو عظيم في طرف الوظيف مما يلى الرسغ من وظيف الشاء ونحوها من غير الادميين. قاله الفيروز آبادى.
(٢) المائدة : ٦.