خبر عائشة وقولها إن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يصلي وأنا أفرك الجنابة من ثوبه ، وفي صلاة النبي صلىاللهعليهوآله بها وهي في ثوبه دلالة على طهارتها.
قيل له : هذا خبر غير صحيح ، لما روي من أن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان له بردان معزولان للصلاة لايلبسهما إلا فيها ، وكان يحث امته على النظافة ويأمر هم بها ، وإن من المحفوظ عنه في ذلك قوله «إن الله يبغض الرجل القاذورة» فقيل له : وما القاذورة يا رسول الله؟ قال : الذي يتأنف به جليسه.
ومن يكون هذا قوله وأمره ، لايجلس والمني في ثوبه فضلا عن أن يصلي وهو فيه ، وليس يشك العاقل في أن المني لولم يكن من الانجاس والمفترض إماطتها لكان من الاوساخ التي يجب التنزه عنها ، وفيما صح عندنا من اجتهاد رسول الله صلىاللهعليهوآله في النظافة وكثرة استعماله للطيب على ما أتت به الرواية دلالة على بطلان خبر عائشة.
وشئ آخر وهو أن عمار رحمة الله عليه وقد أجمعت الامة على صحة إيمانه واتفقت على تزكيته ، وعائشة قد اختلف فيها وفي إيمانها ، ولم يحصل الاتفاق على تزكيتها ، فالاخذ بما رواه عمار ـ ره ـ أولى.
وشئ آخر ، وهو أن خبر عمار يحظر الصلاة في ثوب فيه مني أو يغسل ، وخبر عائشة يبيح ذلك ، والمصير إلى الحاظر من الخبرين أولى وأحوط في الدين.
وشئ آخر وهو أن عمارا حفظ قولا عن رسول الله صلىاللهعليهوآله رواه ، وعائشة لم تحفظ في هذا قولا وإنما أخبرت عن فعلها ، وقد يجوز أن تكون توهمت أن في ثوبه جنابة أو رأت شيئا شبهته بها ، هذا مع تسليمنا لخبرها فروت بحسب ظنها.
ثم يقال للخصم : إذا كانت الجنابة عندك طاهرة تجوز الصلاة فيها ، فلم فركتها عائشة ، واجتهدت في قلعها؟ وألا تركتها كما تركها عندكم رسول الله صلىاللهعليهوآله وصلى فيها؟