والاتيان بحرف التنبيه وتعليق الحكم على الوصف المشعر بالعلية الباعث على الترغيب في الامتثال ، وتخصيص الخطاب بالمؤمنين ، لانهم هم المتهيؤن للامتثال ، وإلا فالكفار عندنا مخاطبون بفروع العبادات ، على أن المصر على عدم الايتمار بالشئ لا يحسن أمره بما هو من شروطه ومقدماته.
والقيام إلى الصلاة قيل اريد به إرادته والتوجه إليه إطلاقا للملزوم على لازمه ، أوالمسبب على سببه ، إذا فعل المختار تلزمه الارادة ، ويتسبب عنها كقوله تعالى «فاذا قرأت القرآن» (١) وقيل المراد بالقيام إليها قصدها ، والعلاقة مامر من اللزوم أو السببية ، وقيل معنى القيام إلى الشئ قصده وصرف الهمة إلى الاتيان به ، فلاتجوز ، وقيل المراد القيام المنتهي إلى الصلاة.
قال الشيخ البهائي قدسسره : والقولان الاخيران وإن سلما عن التجوز لكن أولهما يثبت في اللغة ، وثانيهما لا يعم جميع الحالات ، فالمعتمد الاول وكيف كان ، فالمعنى إذاقمتم محدثين ، وأماما نقل من أن الوضوء كان فرضاعلى كل قائم إلى الصلاة وإن كان على وضوء (٢) ثم نسخ بالسنة فلم يثبت عندنا ، مع أنه خلاف ما هو المشهور من أنه لامنسوخ في المائدة.
وقال جماعة من الاصحاب : الوجه مأخوذ من المواجهة فالاية إنما تدل على وجوب غسل مايواجه به منه ، وقال والدي قدسسره : بل الامر بالعكس ، فان المواجهة مشتقة من الوجه.
ولما كانت اليد تطلق على ما تحت الزند ، وعلى ماتحت المرفق ، وما تحت المنكب ، بين سبحانه غاية المغسول منها كما تقول لغلامك : اخضب يدك إلى الزند
____________________
(١) النحل : ٩٨.
(٢) ـ توهموا أن للاية الشريفة اطلاقا بالنسبة إلى من قام إلى الصلاة ، سواء كان متوضئا قبل ذلك لصلاة اخرى ماضية أولم يكن متوضئا ، وليس بصحيح ، والا لوجب أن يكون الخروج من الصلاة ـ التى توضأ هذا الوضوء لها ـ ناقضا لذاك الوضوء كما أن الخروج من الغائط ناقض له ، وهو كما ترى.